178

له عقیدې نه تر ثوراته (۲): التوحيد

من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد

ژانرونه

الرؤية مطلب إنساني خالص يعبر عنه السؤال عنها وطلبها، ولكن لا يعني ذلك أنها ممكنة. وبهذا المعنى كل ما يطلبه الإنسان يكون موجودا كمطلب وحاجة. ويظل الفرق قائما بين عالم التمني وعالم الواقع، وعالم التمني أوسع نطاقا من عالم الموضوعات. ليس كل ما يطلبه الشعور يكون له وجود في الخارج وهو ما قاله القدماء من الفصل بين الوجود في الأذهان والوجود في الأعيان. إثبات الرؤية الموضوعية وقوع في النظرة الحسية الخالصة وبحث عن النعم والملذات، لا فرق في ذلك بين حسية ومعنوية. وهو نسيان للمجاز. الله حقيقة والرؤية معرفتها ومشاهداتها عن طريق التجربة. فالمعرفة الحسية يقين مثل المعرفة العقلية. موضوع الرؤية موضوع وجداني خالص شريف، يكشف عن شرف الموضوع أكثر من الموضوع بالفعل. ولما كان أشرف موضوع لا يرى إلا من أشرف ذات، فالله يرى نفسه ولا يراه غيره مما يدل على أن الموضوع كله إجلال وتعظيم وتمرين نفسي على مقتضى التأليه، تشريف وتعظيم وإحسان وتحقيق وعد ومكافأة.

162

وقياسا على الرؤية، لماذا لا يكون الله موضوعا للذوق أو الشم أو اللمس أو السمع؟ أليس صوت الله أقرب إلى صوت الضمير؟ ألم يأت الوحي، وهو كلام الله عن طريق السمع؟ هل تعشق العين قبل الأذن أم تعشق الأذن قبل العين؟ أليست الموسيقى أكثر الفنون قدرة على التعبير من الرسم والتصوير والنحت والعمارة؟ أليست الفنون الصوتية أقرب إلى القلب من الفنون التشكيلية؟ وقد تعرضت نظرية الوجود في مبحث الأعراض عن تفاضل البصر والسمع. لماذا يكون الله موضوع الرؤية وحدها؟ لماذا لا يكون موضوع اللمس أو الذوق أو الشم أو السمع؟ مما لا شك فيه أن الله موضوع للسمع من خلال الوحي عن طريق الكلام؟ ولكن ماذا عن اللمس والذوق والشم؟ ومن يجيز أن يكون الله موضوعا للرؤية لا بد أن يجيز أيضا أن يكون موضوعا للحواس الأخرى أو أن يصوغ نظرية لتفرد البصر على غيره من الحواس لرؤية الله، وأن يكون الله موضوعا للرؤية وحدها. صحيح أن البصر في سباق مع السمع من حيث دقة الإدراك وعمقه، ومع ذلك فاللمس والذوق والشم من لذات الجنان، لمس الحرير، وذوق العسل، وشم الروح والريحان. فلماذا تخصيص الرؤية دون الذوق والشم واللمس والسمع؟

إذا كان بعض المجسمة يتصور المعبود جسما دون أن يصفه باللون أو الطعم أو الرائحة أو المجسة، فإن البعض يضع الجسم في اتجاه الشعور فيصبح ذا لون وطعم ورائحة ومجسة، وكل ذلك بالتساوي. فاللون هي الرائحة وهما المجسة، والثلاثة هو الطعم، والأربعة هو نفسه. لا يوجد تغاير أو اختلاف أو تنوع بين الصفات والذات.

163

وقد يؤثر البعض جعل المعبود ذا لون فحسب دون الطعم أو الرائحة أو المجسة أو الطول والعرض والعمق، وإن كان في مكان دون مكان ومتحركا من وقت الخلق. فالصفات المفضلة ما اللون والحركة، وهما الصفتان المطلوبتان في الرسم. ويكون المعبود هنا مدركا بالعين وحدها لا بالأذن أو باللسان أو باليد أو بالأنف. ويكون الفنان هنا تشكيليا يؤثر الفنون المرئية على الفنون السمعية. وقد يطغى اللون على سائر المحسوسات ويكون المعبود ذات لون فقط. فالبصر أكبر من اللمس والذوق والشم. والتوحيد بين الكيفيات المحسوسة يدل على وحدة الروح أكثر مما يدل على اختلاف الأجسام وتعددها.

164

ويقع نفي الإدراكات الأربعة الأخرى على مثبتي الرؤية أكثر مما يقع على نفاتها. فنفاة الرؤية بالضرورة ينفون باقي الإدراكات بطريق الأولى. أما مثبتو الرؤية فإنهم في حاجة إلى تبرير إثبات الرؤية ونفي باقي الإدراكات؛ لأن القياس يعمم عليهم.

وينفي أهل السنة الكيفيات المحسوسة كأوصاف للذات بالرغم من إثبات الصفات، وذلك لاعتبار هذه الصفات أقل كمالا من صفات العلم والقدرة والحياة. فهي توابع للمزاج والتركيب. أما اللذة والألم فهما حسيان. واللذة العقلية نفاها المليون وأثبتها الفلاسفة، فالله كمال في ذاته متجرد عن اللذة. فما دام الله كمالا في ذاته، واللذة إدراك الملائم، التذ الله ضرورة. ولما كانت كلها كمالات فلذته كمال. أما السمع فإن موسى سمع كلام الله وليس ذات الله. أما اللمس والشم فلم يقل بهما إلا المجسمة. وتدل الإدراكات الخمسة على أن تصور الله ناتج عن وضع الإنسان وحياته وحواسه ثم إسقاط ذلك كله على الله، كل يتصور الله على شاكلته ومثاله. يتصوره المتكلم عالما قادرا؛ لأن الدولة تعرف كل شيء وتسيطر على كل شيء، ويتصوره الفيلسوف يلتذ عقلا؛ لأنه حكيم عاقل.

165

ناپیژندل شوی مخ