له عقیدې تر انقلاب (٤): نبوت – معاد
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
ژانرونه
30
وبالتالي كان ترتيب الأدلة الأربعة: القياس ثم الإجماع ثم السنة ثم الكتاب، ترتيبا تصاعديا يرتكز على القاعدة الطبيعية، وهو القياس أو الاجتهاد، وهو دليل العقل. فعلى الإنسان أن يجتهد رأيه، فإن لم يجد ففي إجماع الأمة، حاضرا أم ماضيا، فإن لم يجد فعليه بالسنة ثم بالكتاب. وهناك اتفاق مبدئي بين الأصل الأول؛ الاجتهاد، والأصل الرابع؛ الكتاب، فالطرفان يلتقيان. ولا خلاف بين العقل والنقل؛ فالعقل أساس النقل، ومن يقدح في العقل يقدح في النقل؛ نظرا لموافقة العقل الصريح مع النقل الصحيح، كما قال فقهاء الأمة من قبل. وعلى هذا النحو يمكن أن يكون إبداع. أما تصور الأدلة الأربعة قديما فيقوم على أن النقل أساس العقل، فالقرآن والحديث نقل، والإجماع يعتمد على نقل، والقياس يعتمد أصله على نقل؛ فهو إنكار لدور العقل وللصفات الموضوعية للأفعال وللأبنية الاجتماعية. وإن الترتيب التقليدي للأدلة ابتداء من القرآن فالحديث فالإجماع فالقياس، يجعل الهرم قائما على قمته، والمخروط مرتكزا على رأسه، وكأن المعاني والأشياء كلها متضمنة في اللغة، وهذا هو منهج التقليد.
31
ولا يمكن فهم القرآن إلا باللغة وأسباب النزول والناسخ والمنسوخ؛ فقد دون منذ لحظة الإعلان؛ وبالتالي فليست هناك حاجة إلى تطبيق التواتر فيه كما هو الحال في الحديث. وتعني «أسباب النزول» أولوية الواقع على الفكر، وأن كل آية هي تعبير عن موقف وحل لمشكل، وبنية نظرية ممكنة لوضع اجتماعي قائم. والناسخ والمنسوخ يعني وجود التطور داخل الوحي، وتكييف الشريعة طبقا لقدرات الواقع؛ فاللغة تجمع القرآن والحديث، وأسباب النزول والناسخ والمنسوخ خاصان بالقرآن وحده.
32
أما السنة فإنها في حاجة إلى نقل متواتر؛ نظرا لأنها انتقلت بمرحلة شفاهية على مدى مائتي عام قبل تدوينها. فالسنة دليل بشرط تواترها كما هو معروف في شروط التواتر في نقل الرسالة ، والتواتر وحده يفيد اليقين. أما الآحاد، وهو ما يفقد أحد شروط التواتر، فلا يورث إلا العلم الظني، ولا سبيل لمعرفة صحته إلا بعدالة الراوي وضبطه وبلوغه وإسلامه؛ أي إلى بنية شعوره التاريخي، وكذلك المشهور الذي كان في أصله آحادا ثم أصبح متواترا في نقله، فهو واحد من حيث المبدأ، متواتر من حيث الواقع لا يفيد إلا الظن. ومعظم السمعيات وأمور المعاد أخبار مشهورة. التواتر يوجب العلم والعمل في حين أن الآحاد يوجب العمل دون العلم.
33
والإجماع حجة غير نصية، وإن كان يعتمد على نص يؤخذ أساسا للعقل. والنص هنا قد يكون متواترا أو آحادا أو مشهورا؛ وبالتالي ترجع قطعية الإجماع أو ظنيته إلى نوع النص الذي يقوم عليه، وفي هذه الحالة يلحق الإجماع بأحد الدليلين النصيين. أما العقل الجمعي فهو نوع من الاستدلال الجماعي يقوم به علماء الأمة. صحيح أن الإجماع هو عمل جماعي للعقل، يعبر عن وعي تاريخي يعطي مزيدا من الاطمئنان، أكثر مما يعطي الاستدلال الفردي، كما أنه يحول النص من ظن إلى يقين؛ لأنه يعطي له فهما في الزمان والمكان ومضمونا في التاريخ، وهذا مما يدعو البعض إلى إثبات حجية الإجماع.
34
ومع ذلك فللإجماع حدود تجعل البعض الآخر أقرب إلى نفيه كحجة في الاستدلال.
ناپیژندل شوی مخ