له عقیدې تر انقلاب (٤): نبوت – معاد
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
ژانرونه
وكيف يكون التحدي ممكنا والتهديد بالعقاب قائم، سواء في حالة النجاح أم في حالة الفشل؟ وهل جزاء قبول المتحدى العقاب؟ ألا يفت ذلك في عضد المتحدى إذا علم النتيجة مسبقا بأنه خاسر، وبأنه سينال العقاب نتيجة على تجرئه على قبول التحدي والقيام به؟ ومن الطبيعي أن يكون موضوع التحدي معلوما، وليس مستورا خفيا لا يعلمه أحد، وإلا ففيم التحدي وفيم الإعجاز؟ لا يكون التحدي إلا لشيء معروف، وإلا لكان إيهاما أو خداعا، بل إن التحدي منصوص عليه، والعلم به من القرآن ذاته.
3
وإن الشرط الأساسي للتحدي لهو القدرة على المعارضة. أما أن يقال إن الله أعجزهم عن المعارضة فذلك ضد مبدأ التحدي وتكافؤ الفرص. فكيف يطالب القاهر المقهور أن يكون حرا؟ وكيف يطالب المصارع المكتوف اليدين أن يكون ندا؟ وأما أن يقال بصرف الدواعي وأن القوة على التحدي مرفوعة، فذلك أيضا نقص في شرط التحدي؛ فللتحدي شروط عديدة، منها توفر الهمم والدواعي، وتجنيد كل الطاقات الإنسانية أفرادا وجماعات، تأليفا وتجميعا، استكمالا لشروط المعارضة حتى لا تكون معارضة محجمة منذ البداية. شرط التحدي إذن توفر الدواعي وعدم وجود الصوارف، وباستحالة المعرفة يستحيل التحدي، وصرف الدواعي يعني تدخل إرادة خارجية تقضي على أساس التحدي المتكافئ الأطراف، سواء كان صرف الدواعي للخلق أو للنقل. وإذا كانت المعرفة تعني ارتفاع القوة ومنع التحدي والحيلولة عن المعارضة، فذلك إعلان للنتيجة مسبقا قبل بداية المباراة؛ لعدم وجود تعادل بين الخصمين، ولغش في التحكيم؛ وبالتالي لا يستحق المتحدى وهو في هذا الوضع أي تبكيت، ولا يكون عليه تثريب. إن التحدي لا يتم آليا بمجرد المواجهة، بل يلزمه التأمل والبحث وشروط الخلق والإبداع؛ فلا يحدث الإعجاز بمجرد سماع الوحي ومقارنته بغيره، بل يحتاج إلى تدبر وروية.
ليس الإعجاز حادثة تقع في التو واللحظة، ويعلن المتحدى التسليم بعدها؛ وبالتالي فلا يمكن القول بأن الله ينسى الحافظ حتى يحفظه من جديد فيتأمله ويتدبره، وإلا كان تدخلا خارجيا في عمل المتحدى؛ وبالتالي يضيع الشرط الأول وهو تكافؤ الفرص،
4
كما أن ذلك ضد العدل، وقد ثبت من قبل أن العدل أصل من أصول العقيدة بعد التوحيد، وكلاهما أصلان عقليان قطعيان لا يخرقان بأحد الموضوعات السمعية مثل النبوة في أحد موضوعاتها. فإذا ما حدثت المعارضة فمن الطبيعي العلم بها ونقلها، وإلا تضيع محاولات السابقين؛ فكما نقل القرآن والحديث تنقل المعارضة أيضا نقلا متواترا، خاصة في مجتمع تظهرت عبقريته في وضع مناهج النقل وتطبيقها على الكتب المقدسة السابقة. وقد كثر أعداء المسلمين بحيث كان من مصلحتهم نقل المعارضة وتحدي القرآن بها، ولا يمكن كتمان ذلك مدة طويلة دون الإعلان عنه، خاصة وقد كان التحدي عظيما وعلى الأشهاد. ولا مكان لصرف الدواعي في النقل فتتم المعارضة وتظل طي الكتمان، أو تنسى ويذهب ذكرها وضبطها؛ لصرف الدواعي وهممهم عن حفظها والتوفر على نقلها؛ فالإحساس بالتحدي يتضمن ضرورة إيصاله؛ لأن الفن تعبير وإيصال. ولا يمكن صرف الدواعي بصرف وسائل الإيصال، وإلا كان التحدي غير متكافئ؛ بتدخل إرادة خارجية قادرة على إيصال النبوة، ثم تمنع إيصال التحدي. وقد تم النقل بالفعل لبضعة نماذج معروفة من المخالفين والموافقين على السواء.
5
فإن قيل: لقد كفت المعارضة حتى لا يذهب إيمان الناس، وترك الناس المعارضة لإعراضهم عن النظر؛ حتى لا يوجب التكذيب. فيقال إن بعض الدوائر كانت أحرص على تكذيب الناس واستخدام الحجة ضد المؤمنين، بل قد نشأ علم الجدل لهذا الغرض؛ دفاعا عن التوحيد ضد منتقديه. كانت هناك مصلحة إذن لدى الأعداء للمعارضة بالنظر؛ حتى يذهب النظر إيمان الناس ويكذبون النبوة.
6
ويستحيل أن تكف المعارضة لدخول شبهة على الناس؛ فالعرب أهل فصاحة وبلاغة ولا تدخل عليهم شبهة في فنهم، واستطاعوا كشف المنتحل من الصحيح، وهم رواة شعر وأقدر على الحكم في حالة وقوع الشبهة من عدمها.
ناپیژندل شوی مخ