له عقیدې تر انقلاب (٤): نبوت – معاد
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
ژانرونه
9 (ج) دلالتها
هل تدل المعجزة على صدق النبي؟ عند القدماء إذا قام النبي بمعجزة واحدة وعجز الناس عن معارضتها، فقد لزمتهم الحجة وكانت دليلا على صدق النبي ووجوب تصديقه ووجوب طاعته.
10
ولا يجوز لهم مطالبته بمعجزة أخرى؛ فإن عصوه جاز لله عقابهم على عدم تصديقهم بالمعجزة الأولى، وكأن المعجزة ليست للتكرار.
11
ويكاد يجمع القدماء على أن البرهان خارجي وهو المعجزة سواء كانت واجبة أو ممكنة أو مستحيلة. فهل تؤدي المعجزة إلى تصديق الرسول، وهي برهان خارجي عن طريق القدرة وليس داخليا عن طريق اتفاقها مع العقل أو تطابقها مع الواقع؟ وكيف يتم التصديق بالمعجزة دون وسائل المعرفة وطرق العلم وخارج نظرية العلم في المقدمات النظرية الأولى؟ وهل تؤدي المعجزة إلى الطاعة والانقياد دون إعمال للعقل أو التحقق من مضمون الخبر غاية ومصلحة وواقعا؟ ولماذا لا تتكرر المعجزة للتأكيد وللتيقن كما تتكرر التجربة كأحد شروط صدقها؟ وكيف يثبت الله أو يعاقب بناء على تجربة واحدة تصديقا أو إنكارا. لقد أخبر الوحي عن عشرات المعجزات لنبي واحد، واحدة تلو الأخرى، يتم التصديق ثم الإنكار للأولى، ثم التصديق والإنكار للثانية وهكذا دونما يأس أو ملل. وإن المجريات، وهي تكرار للمحسوسات والمشاهدات لجزء من مادة العلم طبقا لنظرية العلم. وماذا كانت النتيجة في النهاية؟ وقعت معجزات بالمئات ولم يصدق الناس بالأنبياء، بل وازداد البعض منهم كفرا وعصيانا، في حين عندما توقفت المعجزات بمعنى خرق قوانين الطبيعة وأصبح الدليل على صدق النبوة داخليا أي عقلا وواقعا، نظرا وعملا، فكرا ومصلحة، آمن الناس وأسسوا مجتمعات وأقاموا دولا وفتحوا العالم القديم.
12
وأن الذين صدقوا بالأنبياء عن طريق المعجزات لأقل من الذين صدقوا بهم عقلا وواقعا ومصلحة وتشريعا.
13
إن التصديق بالنبوة إنما يتم باتفاقها مع العقل ومع مصالح الناس وليس بالمعجزة، طالما لم تؤد المعجزة إلى التصديق بالنبوة وطالما انتفت شروطها؛ إذ لا يكفي في صدق المعجزة سلامتها عن المعارضة، فقد تكون عدم معارضتها ناشئة من جهل مؤقت بقوانين الطبيعة التي خيل للناس نقضها، والمعجزة غير الآية؛ فالآية ليست معجزة لأنها دليل متسق مع الطبيعة والعقل في حين أن المعجزة ضد الطبيعة وضد العقل. الآية صادقة في حين قد تكون المعجزة خادعة بالسحر. بالأولى خطورة خطأ الإدراك والتفسير وعدم رؤيتها، وبالثانية خطورة عدم التصديق. وإذا كانت المعجزة تصيب الإنسان بضآلته وجهله وعجزه أمام الطبيعة، فإن الآية تعطيه الثقة بعقله وبالقدرة على معرفة قوانين الطبيعة واستقرائها وتسخيرها لصالحه، وإذا كانت المعجزة تجعل الكون سرا مغلقا لا يمكن الدخول فيه فإن الآية تجعل الطبيعة كتابا مفتوحا، وموضوعا للتأمل والبحث، تسهل القراءة فيه.
ناپیژندل شوی مخ