له عقیدې تر انقلاب (٤): نبوت – معاد
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
ژانرونه
16
إن العقل ليس بحاجة إلى عون، وليس هناك ما يند عن العقل. العقل يحسن ويقبح وقادر على إدراك صفات الحسن والقبح في الأشياء، كما أن الحسن قادر على الإدراك والمشاهدة والتجريب، لا طريق إلى الصانع إلا العقل والحسن، ويمكن معرفة الأخلاق بالفطرة، والاستحقاق واجب عقلي، وكمال النفس بالنظر والعمل، وذلك هو موقف الفقهاء دون مزايدة في الإيمان أو هدم للمعرفة الإنسانية.
17 (2) هل النبوة مستحيلة؟
إن القول باستحالة النبوة هو رد فعل طبيعي على القول بوجوبها؛ فكلاهما طرفا نقيض، إثبات ونفي، وجوب واستحالة؛ فبينما يقوم الوجوب على هدم العقل والعلم والاجتماع والسياسة والقانون، تقوم الاستحالة على تأكيد العقل والعلم وعلى الاعتراف بقدرات الإنسان النظرية والعملية على تأسيس العلوم الاجتماعية.
وهناك ثلاثة دوافع للقول بالاستحالة، إما الامتناع من حيث المبدأ والإمكانية النظرية الخالصة (العقل الأولاني أو المبدئي)، أو الامتناع من حيث كفاية العقل دونما حاجة إلى مصدر آخر للمعرفة (العقل النظري)، أو الامتناع من حيث التكليف العملي وإن كانت مقبولة نظريا (العقل العملي).
18 (أ) الاستحالة المبدئية
تقوم الاستحالة المبدئية؛ أي الإنكار الميتافيزيقي للنبوة وإثبات استحالة البعثة، على حجج ثلاث؛ الأولى: لا بد أن يعرف المبعوث أن المرسل له هو الله، ولا طريق إلى معرفة ذلك؛ فلعل المرسل هو الجن، والحقيقة أن هذه الحجة تجعل النبوة متوقفة على المرسل، في حين أن النبوة واقعة تاريخية، يقينها في وقوعها الذي يفرض إمكانها، وبرهان صدقها داخلي ولا يتوقف على المرسل أو حتى على المعجزة كدليل على صدق النبي، كما أن افتراض الجن افتراض غيبي غير مرئي، كالمرسل سواء بسواء، والنبوة مسارها في التاريخ ما بعد الرسول وليس ما قبله؛ أي البعد الأفقي وليس البعد الرأسي. النبوة الرأسية ليست جزءا من النبوة؛ أي من السمعيات، بل هي جزء من الإلهيات؛ أي العقليات في صفتي الكلام والإرادة. لا يهم في النبوة مصدرها؛ أي ما قبل الإعلان، بل تبليغ الرسالة بعد الإعلان وضمان صحتها التاريخية، وهو اليقين الخارجي، ثم ضمان صدقها النظري وإمكانيات تحقيقها ومطابقتها للواقع وهو يقينها الداخلي، وليس المطلوب في النبوة لمعرفة صدقها إمكانية التمييز بين كلام الله وكلام الإنسان ما دام يأتي في صوت إنساني وبلغة إنسانية ولرسول إنساني ليبلغه للناس، ولا يسمع كلام الله مباشرة إلا بالصوت من خلال الأذن الإنسانية. صحيح أنه لا يوجد اضطرار بأن ما تلقاه الرسول علم من الله، ولو أراد الله علما لاضطره إليه، ومع ذلك فإن الإنسان قادر بمفرده عن طريق الاستبصار واستشراف الباطن معرفة ما يدور في نفسه وذلك بانعكاس نظرته إلى الداخل والتركيز على شعوره، كما يستطيع أن يستشرف شعور الآخرين ببصيرته، خاصة إذا كانت تربطه بهم علاقة حب، والحدس يقين لا ظن، يمكن أن يتكرر. قد يخطئ مرة ولكن لا يخطئ كل المرات، ولا يعني خطؤه عدم وقوعه أو استحالته.
19
والحجة الثانية أن الرسول من الله كمرسل إلى الرسول كمرسل إليه إن كان جسمانيا فلا بد أن يكون مرئيا؛ وبالتالي تستحيل النبوة لأن الرسول من الله إلى النبي جسماني لم يره أحد. والحقيقة ألا يهم أيضا كيفية وصول الوحي من الله إلى الرسول؛ فذلك أدخل في نظرية النبوة في علوم الحكمة وليس في علم أصول الدين . صدق النبوة في صدق الكلام ومطابقته للواقع ومصالح الناس، صدق النبوة في صحتها التاريخية ونقلها المتواتر أولا، ثم في صحة تفسيرها طبقا لقواعد اللغة وأسباب النزول ثانيا، ثم في إمكانية تحقيقها تحقيقا لمصالح الناس ثالثا، وكما هو الحال في علم أصول الفقه.
20
ناپیژندل شوی مخ