له عقیدې تر انقلاب (٤): نبوت – معاد
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
ژانرونه
6
وتبدأ المصنفات القديمة عادة بالسمعيات، ثم بقانون الاستحقاق على أساس أنه هو مقياس الحكم وأساس الحساب، في حين أن قانون الاستحقاق هو الأساس العقلي للسمعيات، وما السمعيات إلا تشخيص وتخييل وتمثيل له. وقد يتأرجح موضوع الشفاعة بين الاستحقاق العقلي والسمعيات التخييلية. ومع ذلك يبرز سؤال: هل يمكن وضع السمعيات في بناء عقلي؟ كيف يمكن أن توجد سمعيات في بناء عقلي؟ ونظرا لاعتماد السمعيات على الأخبار؛ أي على صدق النبي، ارتبطت بموضوع النبوة، في حين ارتبط الاستحقاق بموضوع العدل وهو من العقليات. فأمور المعاد كجزء من السمعيات مضادة لأصول التوحيد؛ فالجهل مضاد للمعرفة، والقبول مضاد للتأصيل.
7
ومعظم هذه السمعيات آتية من السنة وليست من القرآن؛ مما يوحي بأنها فرعية لا أصلية، نقلية لا عقلية؛ وبالتالي يمكن الاستغناء عنها، باعتبارها ظنا خالصا تخضع لصدق الرواية ومدى الحاجة لها. فلو كانت مهمة في الدين تعم بها البلوى، لوجدت في القرآن. يقين السمعيات إذن يقين خارجي خالص، وليس له إلا برهان خارجي، وهو صدق الرواية وصحتها تاريخيا. ولما كان هذا اليقين الخارجي لا يصل إلى حد التواتر؛ وبالتالي فإنه يكون ظنيا مرتين؛ مرة لأنه رواية، وأخرى لأنه خبر آحاد. لا تعطي السمعيات يقينا نظريا، خاصة إذا كانت أخبار آحاد، وإنما تعطي يقينا عمليا فقط، وتظل ظنية من حيث النظر. فالغاية من السمعيات إذن ليست إعطاء حقائق نظرية، بل إعطاء توجيهات عملية. لا تهدف إلى يقين العقل، بل إلى احتمال الممارسة. كما أن الحقائق النظرية التي تعطيها ليست ضرورية، أي فطرية طبيعية، ولكنها حقائق مكتسبة تتم عن طريق التعلم والتلقين؛ فهي حقائق لا تنبع من النفس، بل تأتي من المجتمع؛ وبالتالي لا تكون حقائق ثابتة وعامة وشاملة، بل تتغير تبعا لتغير المجتمعات، وتكون مشروطة بمستوى العلم في كل مجتمع وبدرجة رقيه فيما يتعلق بالقدرة على التنظير، والانتقال من مستوى الحس والتمثيل والتخييل إلى مستوى العقل والنظر والبرهان. (1) الانتقال من الحياة إلى الموت
تبدأ رحلة الحياة الأخرى بالموت. فماذا تعني الحياة وماذا يعني الموت؟ وكيف يقع الموت طبعا أم قسرا؟ وإذا تم قسرا، فهل يكون بالقتل أم بالشهادة؟ بفعل الآخر أم بفعل الذات؟ وتتراوح الإجابات على هذه التساؤلات بين ثلاثة مستويات: المستوى الإلهي والمستوى الطبيعي والمستوى الإنساني. فالموت على المستوى الإلهي هو عود إلى موضوع الآجال والأرزاق والأسعار، فالموت هو نهاية الأجل وانقضاء العمر، فلكل أجل كتاب؛
8
فالإيمان بوجوب الموت أحد مظاهر السمعيات. أما المستوى الطبيعي فإنه يجعل الموت موضوعا للعلم. ولما كانت الطبيعيات إلهيات مقلوبة، وكانت الإلهيات أيضا موجهة أساسا ضد الطبيعيات، كان الموت كموضوع طبيعي بين الطبيعيات والإلهيات؛ فإذا كانت الحياة حركة، فالموت سكون؛ وإذا كان الجسم الحي لا يتحرك إلا بدافع، فالموت نهاية للدوافع والبواعث. وما الفائدة من تحريك الله لجسم ميت بلا دافع، وكأن الله يعمل خارج قوانين الطبيعة، بل وضدها؟ أما المستوى الإنساني فإنه متعدد الاتجاهات بين الوصف الصوري والوصف المادي والوصف الشعوري الخالص؛ فالموت مضاد للحياة، والضدان لا يجتمعان. والموت ليس عدما محضا ولا فناء محضا، بل انقطاع تعلق الروح بالبدن؛ مما يتطلب فيما بعد تحديد معنى الروح، وكيفية تعلقها بالبدن. والموت انتقال من حال إلى حال، ومن دار إلى دار؛ فالموت تحول، واستمرار للحياة بشكل آخر، وهو ما يتطلب إثبات المعاد وكيفيته.
9
فإن لم يحدث الموت طباعا فإنه يقع إما بالقتل أو بالشهادة. فما هو القتل وما هي الشهادة؟ لقد عرف القدماء القتل عن طريق تحديد مكانه في القاتل أو في المقتول، في العلة أو في المعلول؛ فقد يكون القتل من الضارب الذي يسبب خروج الروح. وإن حركة الضارب دون خروج الروح لا تكون قتلا؛ فالقتل هنا من العلة أولا قبل أن تكون من المعلول. وقد يكون القتل هو حركة خروج الروح أولا مع كون القتل من القاتل، فيكون القتل في هذه الحالة من المعلول أولا قبل أن يكون من العلة. والمسئولية في الحالة الأولى تعزى إلى القاتل كلية؛ فهو العلة الفاعلة، في حين أنها تعزى إليه في الحالة الثانية جزئيا؛ لأن القتل أولا هو حركة في المقتول بمناسبة القاتل وليست منه. قد يموت المقتول خشية السيف قبل أن يهبط السيف عليه، وفي هذه الحالة يكون القتل من المقتول أكثر من القاتل، ويتأكد ذلك المعنى بجعل القتل في المقتول حينما يخرج الروح منه بسبب القاتل، على عكس الموت عندما يخرج الروح بلا سبب. وقد يكون القتل في القاتل والمقتول معا؛ في المقتول حال وقوع القتل به، وفي القاتل حال فعل القتل؛ فيكون القتل حينئذ في العلة والمعلول في آن واحد. وقد يتحدد القتل في المقتول وحده، لا عن سبب، أو عن كونه معلولا، بل عن طريق إبطال البنية، ومنع الحياة من الجسم، مثل قطع الرأس. فالقتل تغيير في البنية، وحدوث خلل فيها، واضطراب في نظامها.
10
ناپیژندل شوی مخ