له عقیدې تر انقلاب (٤): نبوت – معاد
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
ژانرونه
2
وقد يعود الموضوع إلى الحسن والقبح العقليين والعقل الغائي والصلة بين العقليات والسمعيات والفرق بين الوجوب والإمكان؛ أي إلى أصل العدل في العقليات؛ فقانون الاستحقاق الذي ينبني عليه مستقبل الإنسانية نتيجة للحسن والقبح العقليين وتوليد الأفعال لنتائجها توليدا طبيعيا؛ فإذا كانت الأفعال حسنة أو قبيحة في ذاتها، فإن إثابة المطيع وعقاب العاصي شيء حسن في ذاته، كما أن عقاب المطيع وإثابة العاصي شيء قبيح في ذاته. والموضوع مرتبط بالغائية والغرض؛ لأن نفي الاستحقاق يقوم على نفي الغاية والغرض، في حين أن إثبات الاستحقاق يقوم على إثبات الغاية والغرض. وهو مرتبط أيضا بمسألة السمع والعقل؛ فكثيرا ما توضع مسائل الثواب والعقاب مع السمعيات، وإذا ما ألحق قانون الاستحقاق بالسمعيات لم يعد قائما على العقل؛ وبالتالي ينتفي القانون ذاته. وقد يرتبط الموضوع بالوجوب والجواز؛ تدخل أمور المعاد ضمن الواجبات؛ فالله لا يجوز عليه الكذب، والخلف كذب، وهو الكذب النظري؛ أي الإخبار بشيء غير واقع، وهو الكذب العملي أيضا؛ أي الإخبار بشيء على أنه سيفعله في المستقبل ثم لا يفعله، سواء كان هذا الواجب شرعيا أم عقليا. وعند المتأخرين يدخل في الجواز؛ إذ يجوز على الله الترك والفعل، ويجوز عليه عقاب المطيع وثواب العاصي؛ فالاستحقاق يدخل في الجواز لا في الواجبات، مثل ثواب المطيع وعقاب العاصي، ولا في المستحيلات، مثل عقاب المطيع وثواب العاصي.
3
وقد يرتبط موضوع المعاد بصفة الكلام في التوحيد؛ أي في الأصل الأول من العقليات؛ فالمعاد خبر، والخبر قول أو خطاب، وكلاهما كلام. ويتأرجح الحديث في الكلام بين الكلام كصنعة أزلية، أو الكلام للخطاب مثل الأمر والنهي والخبر والاستخبار. الأول موضوع ديني عقائدي في التوحيد، والثاني موضوع علمي لغوي في النبوة كرسالة.
4
وقد يبدو الموضوع كأصل مستقل هو «الوعد والوعيد»، أحد الأصول الخمسة بعد التوحيد والعدل؛ فإذا كان الأصل الأول للتوحيد قد ضم موضوعي الذات والصفات، وكان الأصل الثاني العدل قد احتوى على موضوعي خلق الأفعال والحسن والقبح العقليين، يكون الأصل الثالث وهو الوعد والوعيد يشير إلى أمور المعاد؛ نظرا لأنهما يتعلقان بأحكام الأفعال من حيث نتائجها في التاريخ واستمرارها فيه بعد الموت؛ لذلك ارتبط موضوع الوعد والوعيد كأصل من الأصول الخمسة بالمعتزلة،
5
في حين ارتبط موضوع المعاد بالأشاعرة. ويتداخل مع أصل العدل سواء في خلق الأفعال أو في الصلاح والأصلح؛ فالإرادة المطلقة لا تمنع من اختراق الحرية الإنسانية لها. وإذا كان الوعد والوعيد نتيجة للتكليف، فإن التكليف قائم على العقل وحرية الاختيار. وقد تسمى «علوم» الوعد والوعيد لأنها تشمل عدة موضوعات تتناول الأصلين العقليين؛ التوحيد والعدل، وباقي الموضوعات السمعية كالنبوة والأسماء والأحكام. وقد يتركز الوعد والوعيد على أحد موضوعاته، مثل الاستحقاق لو أنه في العقائد المتأخرة يرتكز على السمعيات؛ أي على تشخيص الاستحقاق بعد نفيه كمبدأ عقلي.
6
ويقوم تحديد الوعد والوعيد على النفع والضرر، وهما مقياسان للتشريع بالإضافة إلى مفهوم المستقبل كمكان للحدوث؛ فهما لا يعنيان الثواب والعقاب في الحال، بل في المآل، وليسا مجرد مكافأة أو عقاب، بل استمرار لمقياس النفع والضرر في الشريعة. فأفعال الاستحقاق هي أفعال وردود أفعال؛ أفعال مباشرة وأفعال متولدة، مقدمات ونتائج، علل ومعلولات. فإذا كانت أفعال الدنيا هي الأفعال المباشرة، فإن الوعد والوعيد يمثلان الأفعال المتولدة أو ردود الأفعال أو نتائج الأفعال أو معلولات الأفعال الأولى باعتبارها عللا لها. لا يوجد فعل إلا وله رد فعل، ليس فقط في الحال، وهو موضوع الشريعة أو علم أصول الفقه، بل أيضا في المآل، وهو موضوع العقيدة؛ أي علم أصول الدين.
ناپیژندل شوی مخ