له عقیدې ته پورې انقلاب (۱): نظري مقدمات
من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية
ژانرونه
وقد يعني «الكلام» المنهج وليس الموضوع، منهج التفكير أو منهج الحوار أو منهج التأثير أو أسلوب التعبير، فعلم الكلام عند القدماء يورث القدرة على الكلام في تحقيق الشرعيات وإلزام الخصوم، فالكلام بالنسبة للدين كالمنطق بالنسبة إلى الفلسفة.
9
وذلك قد يكون صحيحا، فالكلام منطق الدين، وفي هذه الحالة تكون تسمية «علم أصول الدين» أفضل لأنها تشير إلى البحث عن أصول العقائد؛ أي الأسس النظرية التي تقوم عليها، ويبقى «علم الكلام» تاريخا لعلم أصول الدين، أي اجتهادات الأصوليين في إيجاد صياغات عصرية للعقائد تعبر عن احتياجات كل عصر؛ فإذا كان «علم الكلام» هو تاريخ العقائد، فإن «علم أصول الدين» يكون هو الجانب النظري فيه، إذا كان الأول أقرب إلى الوقائع يكون الثاني أقرب إلى الماهيات، وقد تشتق التسمية خاصة من منهج الحوار، فالعلم «يتحقق بالمباحثة وإدارة الكلام، وغيره يتحقق بالتأمل ومطالعة الكتب»، صحيح أن المنهج الغالب على العلم هو الحوار والمناقشة، ولكن مادة الحوار مستقاة من الكتب، سواء القرآن أو كتب المنطق والفلسفة، وكتب الحكماء الأولين بالإضافة إلى المنبهات الخارجية من الوقائع الاجتماعية وحوادث التاريخ، كما أن الحوار أحد مظاهر الفكر وليس كل نشاطاته؛ إذ تسبقه التجربة الحية، وصياغاتها الفكرية، ويتلوه التأثير على السامعين ومحاولات فهمه، وقد تكون التسمية من شدة منهج الحوار، فأصبح علم الكلام «أكثر العلوم خلافا ونزاعا، فيشتد افتقاره إلى الكلام مع المخالفين والرد عليهم»، وفي هذه الحالة يتحول الحوار إلى نقاش، والنقاش إلى خلاف، وهو صحيح أيضا إلا أن الحوار أيضا أحد مظاهر نشاط أعم وهو الفكر الحي الذي يقوم على تجارب وتفسير نصوص، وتحركه بواعث وأهداف ومصالح، كما قد ترجع التسمية إلى قوة الأدلة حتى صار «هو الكلام دون ما عداه من العلوم كما يقال للأقوى من الكلامين هو الكلام»، وهذا غير صحيح لأن معظم أدلته ضعيفة يسهل الرد عليه ومناقضتها بأدلة أقوى منها، وبالتالي فهو علم «لا يقنع الذكي، ولا ينتفع به البليد»، ما أسهل نقد أدلة المتكلمين، بعضها بالبعض الآخر حتى تتكافأ الأدلة حتى لقد أصبح من السهل إثبات الشيء ونقيضه من متكلم واحد أو من متكلمين مختلفين طبقا للمزاج أو للمهارة أو للمصلحة، وقد ترجع التسمية إلى اعتماد الأدلة العقلية على الأدلة السمعية وتأثيرها في القلب وقدرتها على الإقناع الحسي التخييلي، فسمي بالكلام المشتق من «الكلم» وهو الجرح، وهذا صحيح فقط في حالة توافر الإيمان، وافتراض الإيمان سلفا بموضوع البرهان، ولكنه غير صحيح مع البرهان العقلي الخالص الذي لا يبدأ بالإيمان بل بالعقل وحده والذي لا يعتمد على الحس والتخييل بل على الحجة والدليل، وقد تكون التسمية لأنه «أول ما يجب من العلوم التي إنما تتعلم وتتعلم بالكلام، ثم خص به ولم يطلق على غيره تمييزا»، والحقيقة أن كل العلوم تتعلق بالكلام موضوعا وحوارا وتعبيرا، ولا يوجد دافع خاص على التخصيص، بل إن علوم اللغة قد تكون أولى بالتسمية لأنها هي التي أخذت الكلام موضوعا لها، وقد تكون التسمية «لأن عنوان مباحثه كان قولهم الكلام في كذا وكذا ...» والحقيقة أن هذا هو أسلوب القدماء في تبويب الفصول، سواء في علم الكلام أو في غيره من العلوم، كما أنها عادة لا يتبعها كل مصنفي العلم.
10
وأخيرا يصعب قبول هذه التسمية، «علم الكلام»، في حياتنا المعاصرة نظرا لسيادة الكلام على مستوى الشعوب والقيادات، بل وربما التاريخ المعاصر كله، وهي «العنتريات التي ما قتلت ذبابة»، حروب الإذاعات، وصحف المعارضة، ورفع الشعارات، والواقع كما هو لم يتغير قيد أنملة حتى ليؤرخ لحياتنا المعاصرة بتاريخ الخطب السياسية والبيانات الحزبية والبرامج السياسية باستثناء بعض مظاهر المقاومة للمحتل في الأرض، مقاومة بطولية، كشهادات في التاريخ، وكقدوة فعلية للجماهير والنظم، وكبلورة ممكنة لنضال أوسع، وكمؤشر حاضر على أن عشرات البيانات عن حقوق الإنسان والتصريحات عن استنكار الضمير العالمي، وإعلانات لجان التحقيق لن تمنع طفلا أو امرأة أو شيخا من أن يموت ذبحا، وما زلنا منذ فجر النهضة الحديثة نصرخ: «ما أكثر القول وأقل العمل».
11
ونتهكم على شعوب الكلام، وثقافات اللغة، ومعلقات العصر الحديث على أستار القدس! (2) علم أصول الدين
وتشير هذه التسمية الثانية إلى أن مهمة العلم هو البحث عن «أصول الدين»، وهي عند القدماء أصول عقلية يتم الحصول عليها عن طريق تأسيس العقائد في العقل، أصل الدين في العقائد، وأصل العقائد في العقل، والعقل عند القدماء أيضا يشمل كل شيء؛ الحس والعقل، الحدس والاستدلال، الاستنباط والاستقراء، المعرفة العقلية والمعرفة التجريبية، المعارف النقلية وشهادات التاريخ.
12
لذلك يقرن «علم أصول الدين» بعلم آخر هو «علم أصول الفقه»، والعنصر المشترك بينهما هو «الأصل»، وبلغتنا المعاصرة التأصيل، وهو البحث عن الأسس النظرية التي يقوم عليها العلم، وفي نفس الوقت تكون هذه الأسس هي بناء الواقع ذاته وإلا كانت مجرد افتراضات نظرية لا أساس لها في العقل أو في الواقع، التأصيل هو البحث عن المبادئ الأولى للعلم
ناپیژندل شوی مخ