له عقیدې ته پورې انقلاب (۱): نظري مقدمات
من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية
ژانرونه
والسلطان لا يهدي ولا يضل، ولا ينفع ولا يضر، لا تتبع الأفلاك هواه، ولا تتحرى الأقدار رضاه فتلك صفات الله وحده.
24
هو سلطة تنفيذية خالصة، والسلطتان التشريعية والقضائية للفكر الذي وعد السلطان بتنفيذه، وعلى أساس التزامه به تمت البيعة له والعقد عليه، واختياره من بين المسلمين؛ فالفكر هو مصدر السلطات، والسلطة الحقيقية الفعلية هما السلطتان التشريعية والقضائية، والسلطان ما هو إلا منفذ للأولى، مطيع للثانية، السلطان ليس ملكا، ولا صاحبا، ولا آمرا ولا ناهيا، ولا خالقا، ولا قادرا، بل هو منفذ لقانون الفكر، ومطيع لقضائه، ومستمع للمشورة، وقابل للنصح. ليس السلطان باستمرار مصدر الخير والصلاح، بل كثيرا ما يكون مصدرا للفساد والطلاح لنفسه ولشعبه، السلطة في غياب الرقابة الشعبية تفسد، وتعمل لمصلحة القائمين بها، تغنم وتثرى، تتجبر وتنفرد بها، ثم نجد من يعاونها في ذلك؛ تحقيقا لنفس الأغراض، الثراء والسلطة، المنصب والجاه، ثم تضع في الشعوب كل القيم التي تساعدها على تحقيق مآربها مثل الحرمان الجنسي بدعوى الفضيلة والتقوى ثم الإثارة الجنسية بدعوى المدنية وإدخال السرور على النفس حتى يتحول الشعب كله إلى فئتين؛ مثير جنسيا ومثار جنسيا، أو تلهي السلطة الشعب بقوته اليومي، حتى يظل الشعب لاهثا وراءه، تاركا السياسة، وغافلا عن السلطة، تاركا لها مجال السياسة العليا في الحرب والسلام، في الغنى والفقر، في الحرية والقهر، وفي الوحدة والتجزئة، أو تلوح بالمناصب حتى يتهافت عليها الناس، ويتسابق نحوها وزراء الغد، فتعطى لمن لا يستحق حتى يظل عبدا لها، حريصا عليها، يستمد منها قيمته كل من لا قيمة له، إن أزمة السلطة في عالمنا المعاصر أنها لم تأت عن طريق الشورى والبيعة، ولكنها أتت قفزا عليها، واستمرت بقوانين القهر وبحكم العسكر وبسيطرة أجهزة الأمن بعد أن أخذت شرعيتها أولا من الإنجازات الثورية أو الحركات الوطنية التي أدت إلى الاستقلال لا من البيعة والاختيار الحر، أخذت الشرعية من العمل ثم من القوة لا من النظر ثم البيعة، والثورية حتى في أحسن صورها واستمراريتها لا تكفي دون البيعة لتحقيق ذاتها ولاستمرارها ولالتفاف الجماهير حولها، وغالبا ما تنقلب الثورية ضد الشعب، أصل البيعة، ومصدر الشورى. قد تكون السلطة مصدرا للجهل لا للعلم، وقد يكون في مصلحتها نشر الأمية وليس محوها، والقضاء على الثقافة وليس تنميتها، فالسلطة تتأكد في شعب جاهل، وتقوى في جماعة مطيعة، فالجهل طاعة والعلم ثورة، وقد يكون المدح للدولة، لفكرها وعقيدتها، لحزبها ونظامها كما يحدث في عالمنا المعاصر من الدعوة للنظم السياسية وللثورات الوطنية، يكون التاريخ قبلها خواء وظلاما، ثم يحدث الملاء ويعم العدل في ظل النظام السائد، وبعد الثورات المباركة، وهو ما عاصرناه في جيلنا من جب لما قبل تاريخ ثوراتنا المعاصرة، وشجب لكل ماضينا ثم الازدهار المفاجئ والنهضة الشاملة في ظل النظام القائم وبعد الثورة، فنولد من جديد، ونحيا بعد عدم، ونملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، وتوجهنا عقائد الشيعة ونحن أهل سنة!
25
وهو ما يحدث أيضا في خطب المساجد من الدعوة إلى السلطان، وتأييد للنظام، ومدح للحكام، وهو ما يكثر في عصور الانحطاط كأحد مظاهره أو أسبابه، فالإمام يخشى السلطان فيمدحه، والسلطان يخشى الإمام فيوظفه في رعيته ويجعله تابعا له فقيها للسلطان، وبمدح الإمام تثبت شرعية السلطان في قلوب الناس والجهال، ولو أن الإمام فضح السلطان لما بقي السلطان، وشرعية الإمام في قلوب الناس أرسخ وأعمق من شرعية السلطان.
26
فإذا ما تغيرت السلطة بانقلاب أو بوفاة، انصب نفس المدح للسلطان القديم على السلطان الجديد الذي يعطي نفس الصفات، وتكون له نفس المحامد والآثار، وتوجه إليه نفس الدعوات والابتهالات، فمدح السلطان لا يقوم على خصائص موضوعية في السلطان، بل هو اتجاه نحو السلطة بالتملق والزلفى والنفاق، حتى ولو كان السلطان حيوانا! ولقد نشأ بيننا كتاب لهم هذه الوظيفة في مدح القائد الملهم، والزعيم الشجاع، وابن الشعب البار، والمجاهد الأعظم، والرئيس الأفخم، وصاحب القرار، وإذا استنفدت السلطة أحدهم أو ضاقت به أو خدمها بغباء، أو استعمل ذكاءه لحسابه الخاص أتى الآخر، ثم تطول قائمة الانتظار، يود الكل اللحاق بوظيفة مداح السلطان.
27
وقد يكون الدعاء لرئيس المصلحة، السلطان الأصغر، الذي بيده الخبز والعيش، الرئيس المباشر الذي بيده الترقية والدرجة، والتقرير والتوصية، والذي يراه الكاتب وجها لوجه؛ فالسؤال هنا مباشرة من شخص إلى شخص وليس إلى ذات مجردة أو لسلطان بعيد قد يسمع وقد لا يسمع، السؤال هنا لشخص حي، يصعد الدرج ويهرول، ويهبط تحفه البركات، ويصعد تنهال عليه الدعوات.
28
ناپیژندل شوی مخ