له عقیدې ته پورې انقلاب (۱): نظري مقدمات
من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية
ژانرونه
29
التوحيد بين العلم والعمل؛ أي بين وجوب النظر والتكليف بالنظر، هو تحقيق لهذا العلم وتحويله إلى أثر في الحياة، وهو ما سماه القدماء الثواب. وهو أيضا سبيل التعلم؛ إذ يتعلم الإنسان من العمل قدر تعلمه من النظر، ويعمل في النظر قدر عمله في العمل. وهو أيضا تبليغ للعلم ونشر له، ليس فقط عن طريق الكلام سماعا، بل أيضا عن طريق العمل رؤية. تحب الجماهير أن تسمع وترى، وتنصت وتشاهد. والعلم الذي لا يتحقق يدخل من أذن ويخرج من الأذن الأخرى.
30
والمكلف هو البالغ العاقل الذي بلغته الدعوة؛ احترازا عن الصبي والمجنون ومن لم تبلغه الدعوة من أهل الفترة؛ أي الذين لم يلحقوا بالنبي الأول أو الثاني. لا فرق في ذلك بين ذكر أو أنثى، بين غني أو فقير، بين رئيس أو مرءوس، حاكم أو محكوم؛ يعم التكليف إذن كل إنسان على هذه الأرض، أما أصحاب المعارف الضرورية، فإن معرفة «الله» لديهم ضرورية لا يحتاجون فيها إلى نظر. وهذا لا يمنع من أن استدلال الأنبياء وحوارهم مع غيرهم من أجل إثبات المعرفة ودحض الجهل.
31
أما الذي اخترمته المنية أثناء النظر فقد حكم عليه القدماء بالعصيان في حين أنه قصد إلى النظر، ونوى البحث، وسعى إلى المعرفة، والأعمال بالنيات. لا يهم الوصول إلى المعرفة بقدر ما يهم السعي إليها. فلو كان صادق العزم وحسن النية في البحث والنظر، وكان النظر هو أول الواجبات، فإنه يكون مؤمنا. فإن امتد به العمر ووصل إلى المعرفة، فقد اجتهد وأصاب؛ فهو مؤمن وإن لم يصل، فإن يكن قد اجتهد وأخطأ يكن أيضا مؤمنا؛ العبرة بالاجتهاد، هذا بالإضافة إلى أن الذي اخترمته المنية لم يعد موضوعا للتساؤل لأن الأحياء هم المكلفون بالنظر، والحال أولى من المآل، وإيقاظ الأحياء أولى من إحياء الأموات.
32
ولما كان النظر تكليفا، فإنه يأخذ بأحكام التكليف من ثواب وعقاب. النظر به مشقة، وكل عمل فيه مشقة يقع تحت قانون الاستحقاق. ولا يعني وقوع النظر بطريقة التجريب من خلال المحاولة والخطأ نفي قانون الاستحقاق. النظر بطبيعته ليس شيئا يوجد أو لا يوجد، بل هو قصد للنظر ثم إعمال للنظر بأفعال الشعور. النظر عملية نظر وليس واقعة نظر، عملية تقوم على أفعال الشعور من شك وظن ويقين ومطابقة وإيضاح وبداهة ... إلخ. وينطبق قانون الاستحقاق دائما طالما أن النظر فعل أو ترك قائم. إذا وجد السبب وجد المسبب. لا ينطبق قانون الاستحقاق على أول النظر فقط سواء أكان قصدا أم فعلا؛ نظرا لوجوب استمرارية الأفعال، وإلا كانت الأفعال مجرد بدايات أفعال أولى لا تستمر ولا تنتهي إلى شيء. وذلك لأن الأفعال للتكرار كما قال علماء أصول الفقه. قد يعني الثواب والعقاب مجرد الكمال الإنساني، فالنظر يؤدي إلى الكمال، وغيابه يؤدي إلى النقص. ليس الدافع على الوجوب إذن الذم أو المدح أو الثواب والعقاب، بل هو عمل العقل ذاته وما يحققه من كمال إنساني بالإضافة إلى ما ينتج عنه من تحقيق للمصلحة العامة. ثواب النظر هو الحياة التي يسودها العقل، وعقابه هي الحياة التي يسودها التخبط والضياع.
33 (3) أول الواجبات
إذا كان النظر واجبا سمعا أو عقلا، فهل النظر أول الواجبات؟ تتراوح الإجابة بين مقدمات النظر وحركة النظر ونتائج النظر؛ أي ما يأتي قبل النظر، وما يقع مع النظر، وما يحدث بعد النظر ابتداء من أفعال الشعور الداخلية إلى عمل العقل ثم إلى أفعال الشعور الخارجية، وابتداء من الخارج إلى الداخل. يبدو النظر وكأنه الحلقة المتوسطة بين أفعال الشعور الخارجية كالعمل والقول حتى أفعال الشعور الداخلية كالاعتقاد والخاطر والدافع والقصد.
ناپیژندل شوی مخ