أخبرنا أبو طاهر روح بن أبي الرجاء بن أبي الفتح بن أبي طاهر الراراني الأصبهاني بها، أخبرنا أبو القاسم غانم بن أبي نصر بن عبيد الله البرجي، أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الحافظ، أخبرنا عبد الله بن جعفر، وحدثني عنه الحسين بن أحمد، حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن أبي عبيد الله، قال: قال أحمد بن غسان: حملت أنا وأحمد بن حنبل في محمل على جمل يراد بنا المأمون، فلما صرنا قرب عانة قال لي أحمد: قلبي يحس أن رجاء الحضاري يأتي في هذه الليلة، فإن أتى وأنا نائم فأيقظني، وإن أتى وأنت نائم أيقظتك. فبينا نحن نسير إذ قرع قارع المحمل، فأشرف أحمد فإذا هو برجل فعرفه أحمد بالصفة، وكان لا يأوي المدائن والقرى وعليه عباءة قد شدها على عنقه، فقال: يا أبا عبد الله، إن الله قد رضيك له وافدا، فانظر ألا يكون وفودك على المسلمين وفودا مشئوما، واعلم أن الناس إنما ينتظرونك لأن تقول فيقولوا: واعلم أنما هو الموت والجنة. فلما أشرفنا على البذندون، قال لي: يا أحمد بن غسان، إني موصيك بوصية فاحفظها عني، راقب الله في السراء والضراء، واشكره على الشدة والرخاء، وإن دعانا هذا الرجل أن نقول: القرآن مخلوق، فلا تقل، وإن أنا قلت فلا تركن إلي، وتأول قول الله تعالى: {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار} فتعجبت من حداثة سنه وثبات قلبه. فلم يكن بأسرع من أن خرج علينا رجاء الحضاري فقال: هؤلاء الأشقياء. فقال أحمد: يا عدو الله، أنت تقول: القرآن مخلوق، ونكون نحن الأشقياء! قال: فأنزلنا من المحامل وصيرنا في خيمة، فلم يكن بأسرع من أن خرج خادم وهو يمسح عن وجهه بكمه، وهو يقول: عز علي يا أبا عبد الله [أن] جرد أمير المؤمنين سيفا لم يجرده قط، وبسط نطعا لم يبسطه قط، ثم قال: وقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا دفعت عن أحمد وصاحبه حتى يقولا: القرآن مخلوق. قال: فنظرت إلى أحمد وقد برك على ركبتيه ولحظ إلى السماء بعينيه، ثم قال: سيدي، علا عن هذا الفاجر حلمك حتى يتجرأ على أوليائك بالضرب والقتل، اللهم فإن يكن القرآن كلامك غير مخلوق فاكفنا مؤنته، قال: فوالله ما مضى الثلث الأول من الليل إلا ونحن بصيحة وضجة، وإذا رجاء الحضاري قد أقبل علينا، فقال: صدقت يا أبا عبد الله، القرآن كلام الله غير مخلوق، مات والله أمير المؤمنين.
أخبرنا أبو الحسين عبد الحق بن عبد الخالق، أخبرنا أبو محمد جعفر ابن أحمد بن الحسين إجازة، أخبرنا أبو نصر عبيد الله بن سعيد بن حاتم السجزي إجازة، حدثنا أبو أحمد عبيد الله بن محمد بن أحمد الفرضي الثقة الرضا ببغداد، قال: أخبرني أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه الخزاز إجازة، ونقلته من كتاب ابن الأبنوسي بخطه عنه، حدثنا أبو الحسن علي بن العبد، قال: سمعت عثمان بن خرزاد -وأنا سألته- قال: سمعت مسلم بن أبي مسلم الجرمي يقول: قال لي ملك الروم: أيش يقول صاحبكم في القرآن؟ يعني المأمون قال: قلت له: يقول: القرآن والتوراة والإنجيل والزبور مخلوق فقال لي: كذب، هذا كله كلام الله عز وجل.
أخبرنا عبد الحق، أخبرنا جعفر إجازة، أخبرنا عبيد الله بن سعيد، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن الحسن بن أبي سراج اليحصبي، أخبرنا أبو الطيب محمد بن جعفر غندر قراءة عليه، وحدثنا أحمد بن عمرو بن عبد الرحمن القرشي. قال: سمعت عثمان بن عبد الله الأنطاكي يقول: قال مسلم الجرمي كنت أسيرا في بلاد الروم أيام المحنة، فبعث إلي ملك الروم ودعاني، فقال أيش يقول صاحبكم؟ قال: قلت: يزعم أن التوراة والإنجيل والقرآن مخلوق فقال ملك الروم: كذب، هذا كله كلام الله عز وجل غير مخلوق.
مخ ۳۸