143

الشبهة الثالثة: أن القول بثبوت الحسن والقبح عقلا يؤدي إلى قيام المعنى بالمعنى وتحقيق ذلك على ما ذكره في الغاية وشرحها أن القبح معنى والفعل معنى، فإذا كان القبح صفة ثابتة للفعل لزم قيام المعنى بالمعنى، والدليل على أن القبح معنى أنه ليس ذات الفعل ولا جزءا منها، فوجب أن يكون زائدا على الفعل، ثم إنه موجود بنفسه؛ لأنه نقيض اللاقبح القائم بالمعدوم والقائم بالمعدوم معدوم، وإذا كان اللاقبح معدوما فالقبح موجود، وإلا لزم ارتفاع النقيضين، ولا شك في بطلان قيام المعنى بالمعنى؛ إذ العرض لا يحل إلا في جسم، وما أدى إلى الباطل فهو باطل، والجواب من وجهين:

أحدهما: بجريه في الشرعي بأن يقال: لو كان قبيحا شرعيا لقام المعنى بالمعنى إلى آخره، وكذا الحدوث والوجوب والإمكان ونحوها من صفات الأفعال.

الثاني: منع الملازمة إذ لا يلزم من كون اللاقبح أمرا عدميا أن يكون القبح أمرا وجوديا محققا، فإن نقيض العدمي لا يجب وجوده، فقد يكون الشيء ونقيضه معدومين معا، وموجودين معا، ومنقسمين.

قال في (شرح ابن جحاف): وارتفاع النقيضين إنما يستحيل في الصدق بمعنى أن الشيء الوجودي الصادق في الخارج لا يمكن أن يكون هو ونقيضه مرتفعين فيه، وأما الأمر العدمي الذي لا يصدق في الخارج فإنه يكون هو ونقيضه مرتفعين عن الخارج بلا استحالة في ذلك كالأبوة، واللاأبوة فإنهما مرتفعان في الخارج معا؛ لأنهما أمر عدمي، والعدمي لا يلزم أن يكون نقيضه موجودا في الخارج، بل يكون عدميا مثله فلا يلزم وجود شيء منهما فيه.

قلت: وإذا تقرر أن القبح لا يجب وجوده لم يكن معنى فلا يلزم قيام المعنى بالمعنى سلمنا، فالمراد بقيام المعنى بالمعنى الاختصاص الناعت وهو أن يختص شيء بآخر اختصاصا يصير به ذلك الشيء نعتا للآخر والآخر منعوتا، وهذا لا محذور فيه، ويستوي فيه الجوهر وغيره.

مخ ۱۴۳