126

وقال الأمير الحسين عليه السلام : (إن العقلاء يعلمون بعقولهم التفرقة بين من قطع يده لا لغرض، وبين من قطعها من خوف أن تسري إليها الجراحة فيؤدي إلى هلاكه، ويفرقون بين الفعلين فرقا ظاهرا حاصلا بفطرة العقل، ويعلمون أنه ممدوح على قطع يده لغرض، وغير ممدوح بل مذموم على قطعها لغير غرض مع اشتراك الفعلين في نفور النفس والإلف والعادة، وليس ذلك إلا لعلمهم بالقبح في أحدهما دون الآخر، وهذا أمر لا يمكن دفعه، ولا يرده إلا مكابر).

وقال السيد أحمد بن محمد الشرفي رحمه الله: (وأما من زعم أن هذه القضايا يستند العلم بها إلى الشهرة والإلف والعادة، فنقول: إن أردتم أنها مستفيضة فيما بين العقلاء، وأن أحدا لا ينكرها، فهذا معنى قولنا أنها ضرورية، وإن أردتم أنها ليست علوما حقيقة وأنهم ليسوا على ثقة منها، فهو باطل؛ لأنا نقطع بقبح الظلم والعبث، والكذب، والسفه، والجهل، وبوجوب القضاء والرد، وشكر النعمة، وحسن التفضل، والإحسان، والجود كما نقطع بسائر العلوم البديهية، كالعلم بأن العشرة أكثر من الخمسة، ونعلم أن من خالفنا في هذه القضايا أنه يعرف بضرورة عقله الفرق بين من أحسن إليه وبين من أساء، وبين الظلم والجور، والإهانة والعدل، ومن أنكر ذلك فهو مكابر منكر للضرورة يلحق بالسوفسطائية).

وقال العلامة المقبلي بعد أن ذكر أن استحقاق المدح على العدل والإحسان، والذم على الظلم والعدوان ضروري، وأن المنازع مباهت ما لفظه: (أما من دفع هذه الضرورة وقال لا نفرق بين تعذيب زيد بأنواع العذاب والتلاعب به بأشنع ما يستهجنه أولوا الألباب، وبين إكرامه بأنواع النعم ومرافق الارتفاق، بل بين سب الله بعد معرفته بصفات الكمال وجلائل النعم، وبين حمده وشكره على ذلك الجود والكرم).

وقال: (إنما الفرق بين هذه الأشياء ونحوها بميل الطبع، ومرون الإنسان عليها للتعارف عليها، أو للتأديبات الشرعية أو غير ذلك).

مخ ۱۲۶