فمن عرف ذلك وتحقق بمعرفة الرسول صلى الله عليه وسمل وعرف دلائل نبوته وقام برهان ذلك في سره حتى صار علمه بذلك ضروريا؛ ثم عرف نبوة الأنبياء من قبله بوقوفه على قصصهم المطابقة لما نطق به الكتاب العزيز والسنة المأثورة وذاق طعم الإيمان بصدقهم؛ ثم وجد في ذوقه ووجده أن الذي جاء به هذا النبي الخاتم للنبوة وما جاءت به الرسل والأنبياء من قبله هو من عين واحدة ونورهم جميعا من مشكاة الربوبية - فدينهم واحد وشرائعهم مختلفة؛ والرب الذي يدعون إليه إله واحد-؛ ثم وجد نفس الرحمن وذوق الحق ظاهرا في جميع مللهم وشرائعهم بذوقه الصحيح وكشفه البين المنير : انتفع حينئذ بالتلاوة حقيقة الانتفاع وصارت طريقا للطالب يوقعه على مطلوبه، وسبيلا يوصل المحب إلى معرفة محبوبه، ومع ذلك لا بد من شيخ يريك شخوصها؛ أو صاحب ذائق ينبهك على رموزها.
وفي الجملة؛ فالكتاب لا يستغني عن السنة في البيان، والسنة لا تستغني عن الكتاب، كلاهما من الله تعالى، وكل منهما يبين الآخر ويوضحه ويدل على حقائقه.
فلما وجدت الطالبين في زماني على هذا المنهج سائرين؛ قد قطعتهم الإرادات؛ وجحفت بهم الانحرافات: استخرت الله تعالى
مخ ۴۵