ومن أراد الله امتحانه منهم حجبه عن الدليل وطول عليه الطريق حكمة بالغة منه في حقه، يمحص بذلك أدناسهم، ويمحو به بقاياهم وأدرانهم.
وفي هذه الأزمنة في رأس السبعمائة من الهجرة النبوية: والزمان الذي عز فيه الأدلاء الناصحون؛ وكثرت فيه الأكاذيب والمدعون، واستعلن مذهب الوحدة والاتحاد، بدعواهم أنهم سبل الهدى والرشاد، والصادقون يلتزمون الخلوة والأذكار؛ والتقلل والانتظار.
فمنهم من ينتهي في سلوكه إلى مجرد فنائه في الذكر؛ وهمود خواطره في السر، بلا فرقان يلوح ببينة يتبعها شاهد من شواهد الفتوح.
فتراه جامد الظاهر، غايته فناء الخواطر، وربما فرحت نفسه بواقعة وجدها؛ أو رؤيا صالحة قنع بها وضبطها.
وفي الناقدين من أهل زماننا من يرد عليه حال يصطلمه ، تعجز عبارته عن تميزه، وتكل بصيرته عن تحديده وتقديره، لا يعرف العبادة ولا المعبود، إلا أنه مستغرق في مجمل الشهود، ولا شعور له بالصفات التي على صاحبها بالمعرفة الصحيحة تعود.
مخ ۴۱