في الأكوان من الكلمات التكوينيات، كما قال تعالى : (إنما قولنا لشيء، إذا أردناه أن نقول له كن فيكون). وقوله تعالى : (ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها). أي: بكلماته التكوينيات (وكتبه). أي : بالكلمات التكليفيات.
فإذا وفق الله تعالى العبد وحققه بهذا المشهد - بحيث لا يحجبه عن المشهد الأول - : فهو الكمال.
فكثير من المفتوح عليهم ينحجب بأحد المشهدين عن الآخر، ومن وفق للجمع بينهما بلا ضعف منه؛ بل يكون كمن له عينان ينظر بأحدهما إلى هذا وبالأخرى إلى هذا؛ فيقوم بحكم هذا ويستعين بالله بحكم الآخر : فقد وفق وهدي إلى صراط مستقيم.
ففيهم من يكون قويا في باب العبادة قائما بالأوامر الشرعية؛ فاذا جاءت الأحكام القدرية : ضعف وتزلزل واضطرب ولم يقف على حقيقة التوكل ولا على حقيقة التفويض، بل خاصم وسخط ونازع ولم يرض بقضاء الله ولا بفعله، وهذا عبد شهد الإلهية ولم يشهد الربوبية وفيهم من يكون قويا في باب الاستعانة والتوكل والجريان مع القدر؛ ضعيفا في باب الحلال والحرام والمحاسبة والمراقبة والقيام بأحكام الكلمات التكوينيات: فيقع في المحظورات والمحذورات بحكم طبعه وشهوته، وهذا عبد شهد الربوبية ولم يشهد الإلهية.
مخ ۶۹