Methodological Advice for the Student of Sunnah
نصائح منهجية لطالب علم السنة النبوية
خپرندوی
دار عالم الفوائد
د ایډیشن شمېره
الأولى ١٤١٨ هـ
د خپرونکي ځای
مكة المكرمة
ژانرونه
ولهذه المنزلة العليا للسنة، ولعلاقتها القوية الوشائج والصلات بالقرآن الكريم، كان يقول غير واحد من السلف، منهم مكحول الشامي (ت ١١٨ هـ): (القرآن أحوج للسنة من السنة للقرآن) (١) . وذلك لأن إجمال القرآن يحتاج إلى تفصيل السنة، ومتشابه القرآن تفسره السنة؛ في حين أن السنة - غالبًا - مفصلة مبينة واضحة.
ولهذا يصح أن يقال عمن يتعلم السنة: إنه يتعلم القرآن، ولمن يقرأ السنة: إنه يقرأ تفسير القرآن!!
وقد كان ذلك واضحًا تمام الوضوح عند السلف، ولهذا لما قيل لمطرف بن عبد الله بن الشخير (ت ٩٥ هـ): (لا تحدثونا إلا بالقرآن، قال مطرف: والله ما نريد بالقرآن بدلًا، ولكن نريد من هو أعلم بالقرآن منا) (٢) .
ويجب التنبه إلى أن تفسير السنة للقرآن ليس هو وحده التفسير الصريح لمعانيه من النبي ﷺ، كأن يذكر النبي ﷺ آية ثم يشرحها شرحًا مباشرًا. نعم هذا من تفسير السنة للقرآن، لكن الخضم الأعظم منه هو جميع سنة النبي ﷺ القولية والفعلية والتقريرية وسيرته ومغازيه وحياته. ولهذا لما سئلت عائشة ﵂ عن خلق النبي ﷺ، أرشدت السائل إلى النظر في القرآن، عندما قالت: (كان خلقه القرآن) (١) وعلى هذا يحق لمن سأل عن القرآن أن يحال إلى سنة النبي ﷺ، كما أحالت عائشة السائل عن السنة إلى القرآن!
وهذا أكبر ما يبين مكانة السنة، وعظم أهميتها، وأولويتها على غيرها من العلوم.
ولقد بين الله ﷿ مكانة السنة وشرفها في القرآن العظيم، في آيات كثيرات؛ منها آيات كثيرة في الأمر بطاعة النبي ﷺ والتحذير من مخالفته عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. كقوله تعالى: (وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون) [آل عمران: ١٣٢ [، وكقوله ﷿: (من يطع الرسول فقد أطاع الله) [النساء: ٨٠]، وكقوله سبحانه: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في
_________
(١) جامع بيان العلم وفضله: لابن عبد البر. بتحقيق أبي الأشبال الزهيري. دار ابن الجوزي: الدمام، الطبعة الأولى (١٤١٤ هـ) = (رقم ٢٣٥٢، وانظر رقم ٢٣٥١ - ٢٣٥٤) .
(٢) جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر (رقم ٢٣٤٩) .
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه.
1 / 9