كان السباق في تبسة ذا شهرة كبيرة في منطقة قسنطينة بفضل الخيول الأصيلة التي كانت في المنطقة. وفي يوم السباق بالذات يتجمع حول بوابة قسنطينة عدد كبير من الخيول ذات الدماء النقية، وجمع من مختلف القبائل على تلك الأرض التي كانت تستعمل أثناء الحرب العالمية ساحة للمناورات. فهناك كثيرًا ما كنا خلال الحرب العالمية الأولى نرى أثناء ذهابنا إلى المدرسة جنود الرماة يتدربون على القتال قبل إرسالهم إلى جبهة (فردان).
وهناك تعرفت لأول مرة إلى المدفع الرشاش الذي كان يقذف كالغاضب الحانق لهيبًا صغيرًا، واحدًا تلو الآخر بقدر ما في المشط المتصل به من قذائف.
كان موعد السباق يأتي عقب انتهاء الناس من الحصاد والدرس في الحقول. وقليلًا ما كان يتهيأ لي أن أشاهد هذا المهرجان لأنه بمثابة إنذار بقرب انتهاء العطلة الصيفية.
ما زالت أمي مريضة ولكنها كانت تحقق بعض التحسن بفضل وصفات الدكتور (فيكاريلا Figarella) وبركات (الشيخ سليمان). وأحيانا كان خالي (أحمد الشاوش) يعتني بها سرًا. إذ كانوا يحرصون على أن يخفوا عن الدكتور (فيكاريلا Figarella) أمر طبيب من أهل البلاد مجبِّر يعتني بها في الوقت نفسه. وحين كان الطبيب يقابل وهو في طريقه إلى غرفة أمي خالي أحمد المجبِّر كان يبادره قائلًا: «ماذا أنت تفعل هنا؟».
وكانت أمي توضح له بسرعة أنه قادم لزيارتها فقط. لقد أصبحت الآن جيدة بفضل ما قدمه لها كل من الطب والبركة والتجبير.
ومرة أخرى أيضًا صباح يوم من الأيام الأخيرة في شهر أيلول (سبتمبر) تولت شقيقتي الكبرى صب (ماء العودة) بين قدمي عند عتبة دارنا.
***