موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

ابن محمد جمال الدين قاسمي d. 1332 AH
51

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

پوهندوی

مأمون بن محيي الدين الجنان

خپرندوی

دار الكتب العلمية

كُلِّ مَحَلَّةٍ وَبِالْكَشْفِ عَنْ بَوَاطِنِ أَحْوَالِ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالتَّجَمُّلِ، فَثَوَابُ صَرْفِ الْمَعْرُوفِ إِلَيْهِمْ أَضْعَافُ مَا يُصْرَفُ إِلَى الْمُجَاهِدِينَ بِالسُّؤَالِ. الْخَامِسَةُ: أَنْ يَكُونَ مُعِيلًا أَوْ مَحْبُوسًا بِمَرَضٍ أَوْ بِسَبَبٍ مِنَ الْأَسْبَابِ فَيُوجَدُ فِيهِ مَعْنَى قَوْلِهِ ﷿: (لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) [الْبَقَرَةِ: ٢٧٣] أَيْ حُبِسُوا فِي طَرِيقِ الْآخِرَةِ بِعَيْلَةٍ أَوْ ضِيقِ مَعِيشَةٍ أَوْ إِصْلَاحِ قَلْبٍ (لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ) [الْبَقَرَةِ: ٢٧٣] لِأَنَّهُمْ مَقْصُوصُو الْجَنَاحِ مُقَيَّدُو الْأَطْرَافِ. فَبِهَذِهِ الْأَسْبَابِ كَانَ «عمر» ﵁ يُعْطِي أَهْلَ الْبَيْتِ الْقَطِيعَ مِنَ الْغَنَمِ الْعَشَرَةَ فَمَا فَوْقَهَا، وَكَانَ ﷺ يُعْطِي الْعَطَاءَ عَلَى مِقْدَارِ الْعَيْلَةِ. وَسُئِلَ «عمر» ﵁ عَنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ فَقَالَ: كَثْرَةُ الْعِيَالِ وَقِلَّةُ الْمَالِ. السَّادِسَةُ: أَنْ يَكُونَ مِنَ الْأَقَارِبِ وَذَوِي الْأَرْحَامِ فَتَكُونُ صَدَقَةً وَصِلَةَ رَحِمٍ، وَفِي صِلَةِ الرَّحِمِ مِنَ الثَّوَابِ مَا لَا يُحْصَى قَالَ «علي» ﵁: «لَأَنْ أَصِلَ أَخًا مِنْ إِخْوَانِي بِدِرْهَمٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا» . وَالْأَصْدِقَاءُ وَإِخْوَانُ الْخَيْرِ أَيْضًا يُقَدَّمُونَ عَلَى الْمَعَارِفِ كَمَا يَتَقَدَّمُ الْأَقَارِبُ عَلَى الْأَجَانِبِ، فَلْيُرَاعِ هَذِهِ الدَّقَائِقَ فَهَذِهِ الصِّفَاتُ الْمَطْلُوبَةُ، وَفِي كُلِّ صِفَةٍ دَرَجَاتٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَطْلُبَ أَعْلَاهَا، فَإِنْ وُجِدَ مَنْ جَمَعَ جُمْلَةً مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ فَهِيَ الذَّخِيرَةُ الْكُبْرَى وَالْغَنِيمَةُ الْعُظْمَى. مَصَارِفُ الزَّكَاةِ وَأَصْنَافُ قَابِضِيهَا: اعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الزَّكَاةَ إِلَّا مُسْلِمٌ اتَّصَفَ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الْمَذْكُورِينَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى [التَّوْبَةِ: ٦٠] . الصِّنْفُ الْأَوَّلُ: الْفُقَرَاءُ، وَالْفَقِيرُ هُوَ الَّذِي لَيْسَ لَهُ مَالٌ وَلَا قُدْرَةٌ عَلَى الْكَسْبِ فَمَنْ قَدَرَ عَلَى كَسْبٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يُخْرِجُهُ عَنِ الْفَقْرِ، وَإِنْ كَانَ مُتَفَقِّهًا وَيَمْنَعُهُ الِاشْتِغَالُ بِالْكَسْبِ عَنِ التَّفَقُّهِ فَهُوَ فَقِيرٌ وَلَا تُعْتَبَرُ قُدْرَتُهُ، وَإِنْ كَانَ مُتَعَبِّدًا يَمْنَعُهُ الْكَسْبُ مِنْ وَظَائِفِ الْعِبَادَاتِ وَأَوْرَادِ الْأَوْقَاتِ فَلْيَكْتَسِبْ لِأَنَّ الْكَسْبَ أَوْلَى مِنْ ذَلِكَ. الصِّنْفُ الثَّانِي: الْمَسَاكِينُ، وَالْمِسْكِينُ هُوَ الَّذِي لَا يَفِي دَخْلُهُ بِخُرْجِهِ فَقَدْ يَمْلِكُ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَهُوَ مِسْكِينٌ، وَقَدْ لَا يَمْلِكُ إِلَّا فَأْسًا وَحَبْلًا وَهُوَ غَنِيٌّ. وَالدُّوَيْرَةُ الَّتِي يَسْكُنُهَا وَالثَّوْبُ الَّذِي يَسْتُرُهُ عَلَى قَدْرِ حَالِهِ لَا يَسْلُبُهُ اسْمَ الْمِسْكِينِ، وَكَذَا أَثَاثُ الْبَيْتِ أَعْنِي مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَذَلِكَ مَا يَلِيقُ بِهِ، وَكَذَا كُتُبُ الْفِقْهِ لَا تُخْرِجُهُ عَنِ الْمَسْكَنَةِ فَإِنَّهُ مُحْتَاجٌ إِلَيْهَا.

1 / 54