وقد تابعَ الحاكمَ على هذا معظمُ المترجمينَ لابن حِبَّانَ.
شيوخه في هذه الرحلة ونتائجها
انطلق هذا الإِمام العظيم- وَقَلْبُهُ يَكْتَوي بنار الشوق للأهل، والحنين إلى الوطن- يجوب الأرْضَ، ويصَارعُ أعباءَ الحياةِ وَأوْهَاقَهَا، يُذَلِّلُ الصِّعَابَ متناسيًا المتاعبَ. ويتجاوز العقباتِ عَلَّهُ يَجِدُ مَا يُعَزِّيهِ، مُنْصرفًا إلى الجَمْع والتَّحْصِيل، فَكَان يَنْتَزِعُ الْعِلْم مِنْ صُدورِ الرِّجَالِ، وُيدَوِّنُ كلَّ مَا يَسْمَعُ، وَيُسَجِّلُ كُلَّ مَا يُشَاهِدُ، دُونَ أنْ يَصرِفَهُ عَنْ غَايَتِهِ صَارِفٌ. يَقُولُ فِي مُقَدِّمَةِ صحِيحهِ: "لَقَدْ كَتَبْنَا عَنْ أكْثَرَ مِنْ ألْفَيْ شَيْخٍ ... " (١). فَقَدْ زَارَ مُعْظَمَ البلدانِ في الخلافَةِ الإِسْلاميةِ المتراميةِ الأطْرَافِ، وفي كل بلدٍ حَلَّهُ كانَ لَهُ شَيْخٌ. أو شيوخٌ تَلَقَّى عَنْهُمُ العِلْمَ، وَروَى عَنْهُمُ الْحَديثَ، وَقَدْ سَمَّى لَنَا مُتَرْجِمُوهُ بَعْضَ شُيوخِهِ، فَقَالُوا: إِنَهُ أَخَذَ الْعِلْمَ فِي:
١ - مَرْو: عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن محمود بن سليمان، وعن أبي يحيى محمد بن محمد بن خالد المديني.
٢ - سِنْج: عن أبي علي الحسين بن محمد بن مصعب السنجي، وعن أبي عبد الله محمد بن نصر الهُورَقَاني.
٣ - نَسَا: عن الحسن بن سفيان، وعن محمد بن يوسف النسائي، وعن محمد بن محمود بن عديّ النسائي.
٤ - نَيْسَابُور: عن محمد بن إسحاق بن إبراهيم السراج، وعن محمد بن عبد الرحمن بن شيرويه الأزدي.
٥ - أَرْغِيان: عن محمد بن المسيب بن إسحاق الأرغياني.
_________
(١) عند الانتهاء من تحقيق الصحيح، سنقوم- إن شاء الله- بجمع شيخوخه، وسنترجم لكل من نستطيع العثور على ترجمة له في بطون كتب التراجم.
1 / 23