محمد الهمداني السمرقندي، المتوفى سنة (٣١١) للهجرة (١). وَإِذَا ضممنا إلى هذا ما أجمع عليه مُتَرْجِمُوا ابن حبان، من أنه توفي سنة (٣٥٤ هـ) وهو في عشر الثمانين يتبين لنا:
أ- أنَّ مولده كان في عشر الثمانين من القرن الثالث، وَهذا ما ذَهَبَ إليه بعض مَن ترجم له.
ب- أن ابن حبان بَدَأ رحْلَتَهُ وَعُمُرُهُ لا يقل عن الخامسة والعشرين، كما أنه لا يزيد عَلى الخامسَةِ وَالثلاثين
ج- يَتَحدَّدُ لَنَا مَعْنَى مَا قالَهُ الذهبي في "ميزانه "٣/ ٥٠٦ - وتابعه عليه ابن حجر-: "وَطَلَبَ الْعِلْمَ عَلَى رَأْسِ الثَلَاثِ مِئَةٍ"، فَإِنَهُ يَعْنِي: بَدْأ الرَّحْلَةِ في طَلَب الْعِلْمِ، وَإِلَاّ فَإِنَ ابْنَ حبان عندمَا خَرَجَ مِنْ بلده، كان قد اسْتوعبَ الكثيرَ مِنْ مَعَارِفِ العَصْرِ، وَلا يُمْكنُ أنْ يَغيبَ هذَا عَلَى مِثْلِ الحافِظِ الذَّهَبِي، وَالحافِظِ ابْنِ حَجَرٍ.
وقَدْ دامَتْ هذه الرحلةُ المباركَةُ التي زَرَعَ فيها العالَمَ الإسْلامِيَّ مِنْ أقْصاهُ إِلَى أقْصَاه نيفًا وثلاثين عامًا، فقد قال الحاكم- وهو تلميذه-: "كَانَ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ أَوْعِيَةِ الْعِلْمِ في الْفِقْهِ، وَاللُّغَةِ، وَالْحَدِيثِ، وَالْوَعْظِ، وَمِنْ عُقَلَاءِ الرِّجَالَ. قَدِمَ نَيْسَابُورَ سَنَةَ أرْبَعٍ وَثَلاثِينَ وَثلاثِ مِئَةٍ، فَسَارَ إِلَى قَضَاءِ نَسَا، ثُمَ انْصَرَفَ إِلَيْنَا فِي سَنَةِ سِبْعٍ، فَأقَامِ عِنْدَنَا فِي نَيْسَابُورَ، وَبَنَى الْخَانقاه، وَقُرِىءَ عَلَيْهِ جُمْلَةٌ مِنْ مُصَنَّفَاتِهِ، ثُمَّ خرَجَ مِنْ نَيْسَابُورَ إِلَى وَطَنِهِ سَجِستان عَامَ أربعينَ، وكانت الرَّحْلَةُ إِلَيْهِ لِسَمَاعِ حَدِيثِهِ" (٢).
_________
(١) شذرات الذهب ٢/ ٢٦٢.
(٢) معجم البلدان١/ ٤١٧.
1 / 22