فقل : أحلت في سؤالك. فإن قال: من أين استحال ؟ فقل : من قبل أن معنى قولك يؤول إلى أن تقول : إن الله يخلف وعده وأن يكون خلاف على ما علم ودخول الاستكراه عليه، ومن أدخل عليه الاستكراه كان الذي أدخل عليه الاستكراه أقدم منه فبطل قولك وما يعذب أولياءه ويرحم أعداءه يؤول إلى أن تقول : إنه غير حكيم، ومن كان غير حكيم فهو تسفيه وأن يخلف وعده تعالى الله عن ذلك وعز أن يخلف وعده وعن أن يكون مسكترها مغلوبا لأن من كانت هذه صفته فليس بإله لأن هذه صفة الخلق العاجز الذليل المقهور المربوب تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
[ مسألة في الصفات ]
إن سأل سائل فقال : الله عالم بالأشياء ؟ فقل نعم. فإن قال: ولربك قدرة على الأشياء ؟ فقل: نعم. فإن قال : فهل هو عالم بعلمه بالأشياء وقادر على قدرته على الأشياء ؟
فقل: أحلت إذا في سؤالك لأنا إنما قلنا لك : له علم بالأشياء نفينا أن يكون جاهلا بها لا على أن له علما به علم الأشياء وله قدرة على الأشياء نفينا أن يكون عاجزا عن الأشياء لا على أن له قدرة فمن قدر على الأشياء فتكون له قدرة على القدرة وعلم بالعلم إلى ما لا نهاية له ولا غاية (¬1) .
فإن قال فمن أين تنكر أن يكون له علم به علم وهو غيره، وقدرة/[8] قدر بها ؟
¬__________
(¬1) - لأن قول القائل : لله علم وعلمه ، أي عالم ليس بجاهل لا على أن هناك شيئا غير الله ، يقال له علم ، وكذلك له قدرة ، وقدرته معنى ذلك ، أي هو القادر لا على أن له قدرة هي غيره، فبطل سؤال السائل واستحال ، ولو كان كما قال السائل لكان علم بعلم ، وقدرة على قدرة فيتصل ذلك إلى ما لانهاية لهمن المعاني .
مخ ۲۵