إن سأل سائل فقال : أربك خالق قادر ؟ فقل : نعم، فإن قال:هل يقدر أن يبدل الدنيا مكان الآخرة ويجعل الآخرة مكان الدنيا، أو الجنة مكان النار أو النار مكان الجنة ، فيعذب أو يعفو ، ويرحم أعداءه (¬1) ؟.
¬__________
(¬1) - فقد أجابه المؤلف بأن السؤال في ذلك محال ، ثم سأله عن المعنى الذي استحال به السؤال ، فأجابه بأنه يستحيل من قبل ثلاثة أشياء كلها فاسدة : أحدها أن يكون الله - عز وجل - يخلف وعده ، والثاني أن يكون كائن من الأشياء وهو بخلاف علمه ، والثالث هو دخول الاستكراه عليه ، فلما بطلت هذه الوجوه كلها على الله - عز وجل - واستحالت بطل واستحال لبطلانها ، واستحالتها جميع ما سأل عنه من ذلك ، فأراد المجيب أن تكون هذه الأشياء كلها من كون الدنيا آخرة والآخرة دنيا ، والجنة نارا ، والنار جنة ، وتعذيب المحسن الولي ، وإثابة العدو المسيء ، فهذا كله محال ، لأن معناها كلها هو أن يصير الإحسان إساءة والإساءة إحسانا ، وهذا فعل السفيه العابث= = تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، وخلف الوعيد يدخل في حد النقض من وجهين :أحدهما أن يكون الذي يعد ليس من إرادته أن يفيء بما وعد به فيكون حينئذ داخلا في باب الكذب أو أن يكون في إرادته أن يفيء بالذي وعد ثم هو لم يفعل،فيكون داخلا في باب البداء . والكذب والبداء كلاهما نقض وتعجيز . وأما دخول الاستكراه عليه فكون الأشياء ووجودها بخلاف الإرادة .وخلاف الإرادة الاستكراه والاضطرار،وذلك من أعجز صفات المخلوقين،فيبطل السؤال لهذه العلل الثلاثة التي وصفنا . والذي تبدو له البدا وات إنما ذلك لظهور علم عنده لم يكن يعلمه فيبدو له فيما يعمل أو فيما يترك . والمتقلب الولاية كذلك يعلم شيئا فيوالي عليه ثم يعلم خلاف ذلك فيعادي عليه .
مخ ۲۴