قال فجئت، فقلت: هو يأكل، فقال: ((لا أشبع الله بطنه)) وحطأني -بالحاء المهملة- أي: فقدني والفقد صفع الرأس ببسط الكف من القفا، وهذا الحديث مما لا ريب في صحته، وهل تراه صلى الله عليه وآله وسلم يقول مثل ذلك في حق أكابر الصحابة وصلحائهم؛ فالقول بكون ذلك من مناقبة قولا بخلاف موجب الحديث والمتبادر منه، وأما استعمال عمر وعثمان له فمحمول على عدم علمهم بما هو عليه، ولما سيؤول أمره إليه فلا حجة فيه.
وأما إثبات خلافته بقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((إذا وليت فاعدل)) فمما لا يلتفت إليه مع ما عرفته من الأدلة الصريحة في تأثيمه وبغيه ودعائه إلى النار، مع أن الأمر له بالعدل مشير إلى ثبوت جوره، وأضعف من ذلك الاستدلال بقول كعب الأحبار مع كذب النقل عنه لوفاته قبله، ولئن صح فهو إخبار بملكه ولا فضيلة فيه، وكلامه مما لا يثبت به حجة في أمر أصلي أو فرعي عند جميع العقلاء.
وأما ما سألتم عنه من كون المنكر لمذهب أهل البيت عليهم السلام وهل يقضي بكفره أو فسقه؟
فالكلام فيه كالكلام في مثل (الخوارج)، بعض أئمتنا عليهم السلام يذهبون إلى تفسيقهم بتبريهم من أمير المؤمنين [عليه السلام] وغيره من أئمة الحق، وتكفيرهم إياهم؛ لأنه يقتضي الاستخفاف بهم، والاستخفاف بأئمة الحق فسق، وذهب بعض أئمتنا عليهم السلام وأكثر (الأشاعرة) إلى أنهم يكفرون بذلك لمخالفتهم ما ورد من النصوص، ولأنهم يحكمون بأن المعاصي كفر وفيه رد للنصوص، ولتكفيرهم أمير المؤمنين [عليه السلام] وهذا استخفاف بالدين وهو كفر وهو معنى كلام أمير المؤمنين [عليه السلام]: من الكفر فروا وفيه وقعوا، فسبيل من قال بمثل مقالتهم واعتقد ما اعتقدوه سبيلهم.
مخ ۹۷