ولم نزل نسرح في روضٍ من ذلك الاجتماع، ونشرح ما وجدناه من البعد والانقطاع، ونجول في ميادين بحوث ونقول، في أنواع العلوم المعقول منها والمنقول، ونتجاذب أطراف أخبار، ونتذاكر مذاكرة ألطف من نسيم الأسحار،
حتى هرم شباب ذلك النهار، وأخذ بنيانه في الانهيار، وأذنت الشمس بالغروب وانثنى قوس حاجبها وهو محجوب، وحلّ من الصيام الإفطار، وذرّ إثمد الليل في عيون الأقطار، فصلّينا بالزاوية صلاة المغرب، ثم قدّم لنا سماطًا عن كرم شيم مقدمه معرب، مشتمل على كل نوع مفتخر معجب، ثم ودّعنا هو وإخوته ومن حضر، وقرأوا الفاتحة ودعوا لنا بجمع الشمل بعد قضاء الوطر، وأرسلوا معنا إلى المخيم خمسة رجال بأسلحة من قسي ونبال، وفارقت من فارقت لا عن ملالة، وودعت من ودعت لا عن تعوض، وصدروا من الوداع ووردت، واجتمعوا في تلك البقاع وانفردت، (وأتهموا في بلادهم وأنجدت)، وسرت:
ولوجدي من العَروض بسيطٌ ... ومديدٌ ووافرٌ وطويل
لم أكن عارفًا بهذا إلى أنْ ... قَطَّع القلب بالفراق الخليل
وتمثلت وقد جدَّ العزم بقول أبي المغيرة بن حزم:
1 / 52