الجملة. فلما حصل عنده تصور هذين المفهومين (1) لا جرم ركبهما ، فحصل عنده تصور معنى شريك الإله ، فلا جرم قدر على أن يحكم عليه بالامتناع فنقول : لما عقلنا الشريك في حق الواحد منا ، فهذا المعنى الذي تعقلناه في حقنا نضيفه إلى الله تعالى فنقول : ثبوت شيء لله تعالى ، نسبته إليه كنسبة شريكنا إلينا : محال الوجود.
فثبت بهذا البيان : أن تصورات العقول البشرية لا تخرج عن هذه الأقسام الأربعة ، وإذا كانت التصورات الحاصلة عندنا محصورة في هذه الأقسام كانت التصديقات أيضا محصورة فيها ، لما ثبت أن التصديقات مشروطة بالتصورات ، فيثبت أن تصورات الخلق وتصديقاتهم محصورة في هذه الأقسام الأربعة.
وإذا ظهرت هذه المقدمة فنقول : ثبت بالبرهان : أن حقيقة الحق سبحانه وتعالى مخالفة لجملة هذه الماهيات التي هي محسوسة لنا ، وحاضرة في عقولنا حضورا بالتفصيل ، وأنه سبحانه لا يناسب شيئا منها ، وهو مخالف لها بأسرها مخالفة من جميع الوجوه ، فإنه لو شاركها من بعض الوجوه ، وخالفها في سائر الوجوه ، لكان ما به المشاركة غير ما به المخالطة ، فتكون حقيقته مركبة وذلك محال. وإذا كان كذلك وجب ألا تكون حقيقة متصورة للخلق بوجه من الوجوه (وإذا لم تكن حقيقة متصورة للخلق) (2) كان الحكم عليها بالسلب والإيجاب البسطين أو المركبين ممتنعا ، لما ثبت أن التصديق موقوف على التصور.
فالعقول قاصرة عن معرفته ، والإدراكات غير منتهية إليه ، وإنما الغاية القصوى أنا إذا تصورنا معنى الكمال والنقصان (في حق أنفسنا بحسب ما يليق بنا وبمقدار ما يناسبنا وجب أن نفهم معنى الكمال والنقصان) (3) لأن المطلق ، جزء من ماهية المقيد ، وبهذا الطريق يتصور معنى الكمال والنقصان ، وإذا تصورنا هذا المعنى اعترفنا بإثبات مسمى الكمال له بشرط تنزه (4) ذلك المسمى
مخ ۵۰