( قوله كالصدق) هو مطابقة للواقع أي يجب في حق الأنبياء اتصافهم بالصدق في إخبارهم قال الباجوري: ولو بحسب اعتقادهم كما في قوله صلى الله عليه وسلم ((كل ذلك لم يكن))(1) لما قال له ذو اليدين أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله حين سلم من ركعتين (أقول) إن الخبر لا يوصف بالصدق بنفس مطابقة الاعتقاد دون الواقع، كما هو مذهبنا ومذهب الأشاعرة فينبغي أن يقال في مثل هذا الحديث أنه صلى الله عليه وسلم إنما أخبر عن الواقع في ظنه فإنه ظن حال إخباره أن كل ذلك لم يقع فإذا هو واقع بعضه قال (فإن قيل) قد مر صلى الله عليه وسلم على جماعة يؤبرون النخل وقال: لو تركتموها لصلحت فتركوها فشاصت(2) (أجيب) بأن هذا من قبيل الإنشاء لأن المعنى كان في رجائي ذلك والإنشاء لا يتصف بصدق ولا كذب، وعدم وقوع المترجي لا يعد نقصا قال: ودليل صدقهم عليهم الصلاة والسلام لو لم يصدقوا للزم الكذب في خبره تعالى لتصديقه تعالى لهم بالمعجزة النازلة منزلة قوله تعالى ((صدق عبدي في كل ما يبلغ عني)) وتصديق الكاذب كذب وهو محال في حقه تعالى، فملزومه وهو عدم صدقهم محال وإذا استحال عدم صدقهم وجب صدقهم وهو المطلوب، لكن هذا الدليل إنما يدل على صدقهم في دعوى الرسالة وفي الأحكام الشرعية لأن ذلك هو الذي بلغوه عن الله تعالى ولا يدل على صدقهم في غير ذلك كقام زيد وقعد عمرو، لكن يدل عليه دليل الأمانة لأنه داخل فيها وعلم من ذلك أن أقسام الصدق ثلاثة المقصود هنا الأولان وأما الثالث فهو داخل في الأمانة كما علمت انتهى.
مخ ۱۱