317

مشارق انوار د عقولو لپاره

مشارق أنوار العقول

ژانرونه

( وإما) على العباد يستعظم نفسه ويحتقر غيره ويزدريه فيأبى عن الانقياد له أو يرتفع عليه ويأنف من مساواته وهذا وإن كان دون الأولين إلا أنه عظيم إثمه أيضا لأن الكبرياء والعظمة إنما يلقيان بالملك القادر القوي المتين دون العبد العاجز الضعيف فتكبره فيه منازعة لله في صفة لا تليق إلا بجلاله فهو كعبد أخذ تاج ملك وجلس على سريره فما أعظم استحقاقه للمقت وأقرب استعجاله للخزي ومن ثم قال تعالى كما مر في أحاديث أن من نازعه العظمة والكبرياء أهلكه أي لأنهما من صفاته الخاصة به تعالى فالمنازع منازع في بعض صفاته تعالى وأيضا فالتكبر على عباده لا يليق إلا به تبارك وتعالى فمن تكبر عليهم فقد جنى عليه إذ من استذل خواص غلمان الملك منازع له في بعض أمره وإن لم يبلغ قبح من أراد الجلوس على سريره ومن لازم هذا الكبر بنوعيه مخالفة أوامر الحق لأن المتكبر ومنه المتجادلون في مسائل الدين بالهوى والتعصب تأبى نفسه من قبول ما سمعه من غيره وإن اتضح سيله بل يدعوه كبره إلى المبالغة في تزييفه وإظهار إبطاله فهو على حد قوله تعالى ((وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون))([20]) ((وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد))([21]) وقال ابن مسعود كفى بالرجل إثما إذا قيل له اتق الله أن يقول عليك بنفسك وقال صلى الله عليه وسلم لرجل يأكل بشماله كل بيمينك فقال([22]) متكبرا لا أستطيع فشلت يده فلم يرفعها بعد فإذن التكبر على الخلق يدعو إلى التكبر على الخالق ألا ترى أن إبليس لما تكبر على آدم وحسده بقوله ((أنا خير منه))([23]) جره ذلك إلى التكبر على الله لمخالفة أمره فهلك هلاكا مؤبدا ا.

مخ ۳۲۸