الْوَجْه الْخَامِس: وَهُوَ الظَّاهِر (١) أنْ يكون حَالا على تَقْدِير مُضَاف إِلَيْهِ من الْمَجْرُور ومضافين من الْمَنْصُوب، وَالْأَصْل: تَفْسِير الْإِعْرَاب مَوْضُوع أهل اللُّغَة أَو مَوْضُوع أهل الِاصْطِلَاح. ثمَّ حُذف المتضايفان (٢) على حدِّ حذفهما فِي قَوْله تَعَالَى: (فقبضتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرسولِ) (٣) أيْ: من أَثَرِ حافرِ فرسِ الرسولِ. ولمّا أُنيب الثَّالِث عمّا هُوَ الْحَال بِالْحَقِيقَةِ الْتزم تنكيره لنيابته عَن لَازم التنكير كَمَا فِي قَوْلهم: (قَضِيَّةٌ وَلَا أَبَا حَسَنٍ لَهَا) (٤)، وَالْأَصْل: وَلَا مثل أبي الْحسن لَهَا، فلمّا أُنيب أَبُو الْحسن (٥) عَن (مثل) جرد عَن أَدَاة التَّعْرِيف. وَلَك أنْ تَقول: الأَصْل مَوْضُوع اللُّغَة أَو مَوْضُوع الِاصْطِلَاح على نِسْبَة الْوَضع إِلَى اللُّغَة أَو إِلَى (٦) الِاصْطِلَاح مجَازًا، وَحِينَئِذٍ فَلَا يكون فِيهِ إلاّ حذف مُضَاف وَاحِد، وَيصير نَظِير قَول الْعَرَب: (كنتُ أظنُّ العقربَ أشدَّ لسعةً من الزنبورِ فَإِذا هُوَ إيّاها) (٧)، على تَأْوِيل ابْن الْحَاجِب فإنّه أعرب (إيّاها) حَالا على أنّ الأَصْل: فَإِذا هُوَ مَوْجُود مثلهَا، فحُذِف الْخَبَر كَمَا حُذِف فِي: (خرجت فَإِذا الأسدُ) ثمَّ حُذِف الْمُضَاف، وَهُوَ (مثل) وَقَامَ (٩) الْمُضَاف إِلَيْهِ مقَامه فتحوَّل (٨) الضَّمِير الْمَجْرُور ضميرًا مَنْصُوبًا بل تَخْرِيج مَا نَحن فِيهِ على ذَلِك أسهلُ لأنّ لفظ الضَّمِير معرفَة (١٠) فانتصابُهُ على الْحَال بعيدٌ. وَالظَّاهِر فِي الْمِثَال الْمَذْكُور أنّه مفعول لفعل مَحْذُوف هُوَ الْخَبَر، وَالتَّقْدِير: فَإِذا هُوَ يشبهها، ولمّا حُذِف الْفِعْل انْفَصل الضَّمِير، أَو أنّه الضَّمِير (١١)، أَو أنّه هُوَ الْخَبَر كَمَا فِي قَول الْأَكْثَرين: فَإِذا هُوَ هِيَ، ولكنْ أُنيب ضمير النصب عَن ضمير الرّفْع.
_________
(١) ح: النّظر.
(٢) ب: المضافان.
(٣) طه ٩٦. وَينظر فِي الْآيَة: مُغنِي اللبيب ٦٩١.
(٤) أ: أبي الْحسن.
(٦) (إِلَى) سَاقِطَة من أ.
(٧) هَذِه هِيَ الْمَسْأَلَة الزنبورية بَين الْكسَائي وسيبويه، وَينظر فِيهَا، مجَالِس الْعلمَاء ٨ طَبَقَات النَّحْوِيين واللغويين ٦٨، الْإِنْصَاف ٧٠٢، وفيات الْأَعْيَان ٣ / ١٣٤، طَبَقَات النُّحَاة واللغويين ق ٢٠٩ - ٢١٠.
(٨) ب: وَأقَام.
(٩) ب: فحول.
(١٠) أ: اللَّفْظ معرفَة.
(١١) (أَو أَنه الضَّمِير) سَاقِط من ب.
1 / 27