============================================================
المسائا المشكلسة اكثر من أن تحصى وتحصر، نحو: وحدت، الذي يراد به العلم والوجدان، والغضب، و(حلست) الذي هو خلاف (قمت)، و(حلست) الذي هو بمعى: أتيت نحذا، و(نحد) يقال لها: حلس، فإذا لم يكن سبيل إلى المنع من هذا، ثبت جواز اللفظة الواحدة للشيء وخلافه، وإذا جاز وقوعها للشيء وضده، إذ الضد ضرب من الخلاف، وإن لم يكن كل خلاف ضدا.
وأما كون اللفظين المختلفين لمعنى واحد، فقد كان محمد بن السري حكى عن أحمد بن يجى: أن ذلك لا يجوز عنده. ودفع ذلك أيضا لا يخلو من أحد المعنيين اللذين قدمنا. فإن كان من جهة السمع فقد حكى أهل اللغة في ذلك ما يكاد لا يحصى كثرة، وصنفوا في ذلك؛ كالأصمعي في تصنيفه كتاب (الألفاظ) الذي هو خلاف كتابه المترحم باالأبواب)، وذلك في كتبهم أشهر وأظهر من أن يحتاج إلى تتبيه عليه.
فإن قال: إن في كل لفظة من ذلك معنى ليس في اللفظة الأخرى، ففي قولي: مضى، معنى ليس في قولي: ذهب، وكذلك جميع هذه الألفاظ: قيل له: نحن نوجدك من اللفظين المختلفين ما لا تحد بدا من أن تقول: إنه لا زيادة معنى في واحدة منهما دون الأخرى، بل كل واحد يفهم ما يفهم من صاحبه، وذلك نحو الكنايات؛ ألا ترى: أن قولك: ضربيك وما ضربت إلا إياك، وجشتني وما جاعني إلا أنت ، وجاءاني وما جاعني إلا فما، وقمنا وما قام إلا نحن، وما أشبه ذلك يفهم من كل لفظة ما يفهم من الأخرى، من الخطاب، والغيبة، والإضمار، والموضع من الإعراب، لا زيادة في ذلك ولا مذهب عنه، فإذا جاز ذلك في شيء وشيئين وثلاثة، جاز فيما زاد على هذه العدة وجاوزها في الكثرة، فثبت بصحة ذلك صحة الأقسام التي ذكرها سيبويه وذهب إليها.
ويدل على جواز وقوع اللفظة الواحدة لمعنيين مختلفين قولهم: ظنت والظن بمعن (الحسبان)، وخلاف (العلم)، واستعمل أيضا بمعنى: اليقين، وذلك في نحو قوله عز وحل: الذين يظنون أيهم ملاقو ربهم) [البقرة: 46] .
فإن قال: إن معنى (الظن) هاهنا وفيما حكاه الله عز وجل عن المؤمنين في قوله: للإئي ظنيت أني ملاق حسابيه) [الحاقة: 20] الحسبان.
مخ ۲۱۷