============================================================
139 المسائا المشكلة بعينها، وأومأت بيدها، لأها لم تقدر على الكلام ممن تهابه. والقول الأول، قيل: إنه قول الأصمعي، وأما القول الآخر- أحسبه عمرو بن قميئة-: بودك ما قومي على ان تركتهم سليمى إذا هبت شمال وريخها(1) فيحوز أن تكون الباء للقسم، و(ما) استفهام، كأنه أقسم عليها بودها لتسألن ما قومه في هذا الوقت، وهذا كثير، كقول الآخر: فساتلي القوم ما جودي وما حسي إذا الكماة التقت فرسائها الصيد(2) فإن قلت: فبم يتعلق قوله: على أن تركهم، وليس في قوله: ما قومي، شيء فيه معنى فعل فيكون على متعلقا به؟
فالقول: أنه يجوز أن يكون متعلقا بما في (قومي) من معنى الفعل، وأنه استعمل ذلك للضرورة، فرده إلى الأصل، لأن القوم إنما هو: من يقوم بما يراد منه مما يعانيه ذوو الكفاعة، ولذلك استعمل للرحال دون النساء، قال الله تعالى: (يسخر قوم من قوم) [الححرات: 11]، ثم قال: ولا نساء من تساء) [الححرات: 11] . وقال الشاعر: أقوم آل حصن أم نساء(2) ومثل القوم: الملأ سموا بذلك لكوهم ملئين ما يراد منهم، فإذا كان كذلك صار التقدير: ما قومي متروكين في ذا الوقت، ويكون العامل في (إذا) أيضا هذا المعى دون (تركت)، كأنه قال: سلي ما قومي في وقت الشمال والجدب والشتاء، لتخبري آنهم يضيفون ويطعمون في المحل وينحرون. ولا يحمل (إذا) على (تركهم)؛ لأن هذا المعنى هو الذي يعترضون ويذكرونه لقومهم ويفتخرون ويمتدحون، ألا ترى: مثل قولهم: مطاعيم الشمال إذا امتحنت وفي غدواء كل صبا عقيه(4) وأيضا فإن (تركت) ماض، و(إذا) آت، ويستقيم كما لا يستقيم: أتيتك إذا (1) البيت لعمرو بن قميئة، انظر: أدب الكاتب ص4 52.
(2) روى الجواليقي هذا البيت في شرح أدب الكاتب ص376، نقلا عن أبي علي ولم ينسبه لأحد.
(3) البيت لزهير بن أبي سلمى، انظر: شرح ديوانه ص73، وصدره: وما أدري وسوف إخال أدري (4) هذا البيت لا يعرف قائله.
مخ ۱۳۹