فحاقهما المكر السيئ فكان يتوقع لهما عثرة يتوصل بها إلى إفساد صورتهما. ففي بعض الأيام كان الثعلبان ينادمان الملك فغلب عليه النعاس فخرج منه ريح سمعاها واستيقظ هو لها فتناوم ليعرف ما يصدر منهما فلم يتمالك الرئيس أن ضحك فقال له العادل: مم تضحك أما علمت أن الضحك بلا سبب من قلة الأدب وأن الملوك تحترم مجالسهم غابوا أو حضروا، ناموا أو استيقظوا، وقد قيل: رفع قلم العتاب عن النايم والسكران والمجنون والصبي وعذر النائم أوضح من عذر الباقين فإن النوم أخو الموت، ولقد قال صاحب الأخلاق: لا يعيب الشخص على أحد عيبًا هو فيه، وإذا صدر من الملوك منقصة فلا تغد منقبة، ويجب على جلساء الملوك أن لا ينظروا من الملوك إلا المحاسن، وقد قيل في المثل من جالس الملوك بغير أدب فقد خاطر بنفسه وأوجب لها التعب. فقال الرئيس: اللسان إذا ظهر من الكذب، والعرض إذا نقي من العيب والنفس إذا زكيت عن الجهل يصلح لها أن تضحك على كل أحد، وأنا إذا اتصفت بهذه
1 / 62