مراح لبید
مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد
ایډیټر
محمد أمين الصناوي
خپرندوی
دار الكتب العلمية - بيروت
د ایډیشن شمېره
الأولى - 1417 هـ
ژانرونه
وما قدروا الله حق قدره أي ما عرفوه تعالى حق معرفته في اللطف بعباده والرحمة عليهم ولم يراعوا حقوقه تعالى في ذلك إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء.
روي أن مالك بن الصيف- وهو من أحبار اليهود- ورؤسائهم جاء في مكة يخاصم النبي صلى الله عليه وسلم وكان رجلا سمينا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنشدك الله الذي أنزل التوراة على موسى هل تجد فيها أن الله تعالى يبغض الحبر السمين» فقال: نعم- وكان يحب إخفاء ذلك لكن أقر لإقسام النبي عليه- فقال له النبي: «أنت حبر سمين وقد سمنت من الأشياء التي تطعمك اليهود» «1» . فضحك القوم، فغضب مالك بن الصيف ثم التفت إلى عمر فقال: ما أنزل الله على بشر من شيء. فقال له أصحابه الذين معه: ويحك، ولا على موسى. فقال: والله ما أنزل الله على بشر من شيء، فلما سمع قومه تلك المقالة قالوا: ويلك. ما هذا الذي بلغنا عنك أليس الله أنزل التوراة على موسى فلم قلت هذا قال؟!: أغضبني محمد فقلته، فقالوا: وأنت إذا غضبت تقول على الله غير الحق. فعزلوه من الحبرية وعن رئاستهم لأجل هذا الكلام وجعلوا مكانه كعب بن الأشرف.
قل لهم: من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس أي حال كون الكتاب ظاهرا جليا في نفسه وهاديا للناس من الضلالة تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا أي تضعون الكتاب في ورقات مفرقة فجعلوه أجزاء نحو نيف وثمانين جزءا، وفعلوا ذلك ليتمكنوا من إخفاء ما أرادوا إخفاءه، فيجعلون ما يريدون إخفاءه على حدى ليتمكنوا من إخفائه.
قرأ ابن كثير وأبو عمرو بياء الغيبة في الأفعال الثلاثة. والباقون بتاء الخطاب وعلمتم أيها اليهود من الأحكام وغيرها ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم من قبل نزول التوراة. وقيل: المراد من قوله تعالى: وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم أن التوراة كانت مشتملة على البشارة بمقدم محمد واليهود قبل مقدمه صلى الله عليه وسلم كانوا يقرءون تلك الآيات وما كانوا يفهمون معانيها فلما بعث محمدا ظهر أن المراد من تلك الآيات هو مبعثه صلى الله عليه وسلم قل الله أي قل يا أكرم الرسل المنزل لهذا الكتاب هو الله تعالى ثم ذرهم في خوضهم يلعبون (91) أي ثم اتركهم في باطلهم الذين يخوضون فيه يسخرون فإنك إذا أقمت الحجة لم يبق عليك من أمرهم شيء ألبتة وهذا كتاب أنزلناه أي وهذا القرآن كتاب أنزلناه بالوحي على لسان جبريل مبارك أي كثير خيره دائم منفعته يبشر بالمغفرة يزجر عن المعصية مصدق الذي بين يديه أي موافق للكتب التي قبله في التوحيد وتنزيه الله، والدلالة على البشارة والنذارة ولتنذر أم القرى.
مخ ۳۳۲