326

مراح لبید

مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد

ایډیټر

محمد أمين الصناوي

خپرندوی

دار الكتب العلمية - بيروت

د ایډیشن شمېره

الأولى - 1417 هـ

ژانرونه

تفسیر

والمرتبة السادسة: الزهد الشديد والإعراض عن الدنيا وترك مخالطة الخلق وذلك كما في حق زكريا ويحيى وعيسى وإلياس، ولهذا السبب وصفهم الله بأنهم من الصالحين، ثم ذكر الله بعد هؤلاء من لم يبق له فيما بين الخلق أتباع وهم إسماعيل واليسع ويونس ولوط والله أعلم. ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم وهذا إما عطف على «كلا» فالعامل فيه «فضلنا» ومن تبعيضية أو على «نوحا» فالعامل فيه «هدينا» و «من» ابتدائية والمفعول محذوف أي وهدينا بالنبوة والإسلام من آبائهم جماعات كثيرة آدم وشيث وإدريس وهود وصالح ومن ذرياتهم جماعات كثيرة أولاد يعقوب ومن إخوانهم جماعات إخوة يوسف واجتبيناهم أي اصطفيناهم بالنبوة والرسالة وهديناهم إلى صراط مستقيم (87) أي إلى معرفة التوحيد وتنزيه الله تعالى عن الشرك ذلك أي معرفة الله بوحدانيته هدى الله أي دين الله فان الايمان لا يحصل الا بخلق الله تعالى يهدي به من يشاء من عباده وهم المستعدون للهداية في الإرشاد ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون (88) أي ولو أشرك هؤلاء الأنبياء لحبط عنهم مع فضلهم وعلو درجاتهم أعمالهم المرضية وعبادتهم الصالحة فكيف بمن عداهم. والمقصود من هذا الكلام تقرير التوحيد وإبطال طريقة الشرك أولئك أي الأنبياء الثمانية عشر الذين آتيناهم الكتاب أي أعطيناهم فهما تاما لما في الكتاب وعلما محيطا بأسراره والحكم فإن الله تعالى جعلهم حكاما على الناس نافذي الحكم فيهم بحسب الظاهر والنبوة فيقدرون بها على التصوف في ظواهر الخلق كالسلاطين، وفي بواطنهم وأرواحهم كالعلماء فإن يكفر بها أي بهذه الثلاثة هؤلاء أي كفار قريش فقد وكلنا بها أي وفقنا للإيمان بها والقيام بحقوقها قوما ليسوا بها بكافرين (89) أي بجاحدين في وقت من الأوقات وهم الأنصار وأهل المدينة أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده أي أولئك الذين قصصناهم من النبيين هداهم الله بالأخلاق الحسنى فبأخلاقهم الشريفة اقتده، واستدل بهذه الآية بعض العلماء على أن محمدا صلى الله عليه وسلم أفضل من جميع الأنبياء، وذلك لأن جميع الصفات الحميدة كانت متفرقة فيهم فأمر الله تعالى رسوله سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم أن يقتدي بهم بأسرهم في جميع صفات الكمال التي كانت متفرقة فيهم فيلزم أنه صلى الله عليه وسلم حصلها، ومتى كان الأمر كذلك وجب أن يقال: إنه صلى الله عليه وسلم أفضل منهم بكليتهم. فكان نوح صاحب تحمل الأذى من قومه. وكان إبراهيم صاحب كرم وبذل ومجاهدة في الله تعالى، وكان إسحاق ويعقوب صاحبي صبر على البلاء والمحن. وكان داود وسليمان من أصحاب الشكر على النعمة، وكان أيوب صاحب صبر على البلاء وكان يوسف جامعا بين الصبر والشكر، وكان موسى صاحب الشريعة الظاهرة، وكان زكريا ويحيى وعيسى وإلياس من أصحاب الزهد في الدنيا، وكان إسماعيل صاحب صدق وكان يونس صاحب تضرع. قل يا أشرف الخلق لأهل مكة: لا أسئلكم عليه أي القرآن أجرا من جهتكم إن هو إلا ذكرى للعالمين (90) أي ما القرآن إلا عظة للجن والإنس من جهته تعالى

مخ ۳۳۱