مجيؤه به تواترا من أحوال المبدأ والمعاد كالتكليف بالعبادات، والسؤال في القبر وعذابه، والمعاد الجسماني، والحساب، والصراط، والميزان، والجنة والنار. ولا يجب العلم بكيفية ذلك وتفاصيله، فإنه مما يخفي على الخواص، ولا قاطع بتعينه.
وأما ما ورد عنه (عليه السلام) من طريق الآحاد فلا يجب التصديق به مطلقا وإن كان طريقه صحيحا؛ لأن خبر الواحد ظني قد اختلف في جواز العمل به في الأحكام الشرعية الظنية فكيف الاعتقادية العلمية، ولاستلزامه التكليف بما لا يطاق، وإن كان قد يجب العمل بمدلوله في بعض الموارد، لكن لا على سبيل المعرفة.
الحادي عشر: الدليل لغة: الدال
(1)، وهو الناصب للدليل، وقد يطلق على ما فيه إرشاد.
وعند الفقهاء: ما يمكن أن يتصول بصحيح النظر فيه إلى العلم بمطلوب خبري، ولا ينحصر الدليل على هذه المعارف فيما ذكره العلماء، بل لا يشترط ترتيب مقدماته على الوجه المعتبر في الإنتاج عند أهل الحد والبرهان، وإنما الواجب عينا من ذلك إقامة ما تطمئن به النفس بحسب استعدادها، ويسكن إليه القلب بحيث يمنع من تطرق الشبهة عن عقيدة المكلف، ويخرج به عن التقليد البحت (2) والعمى الصرف، كدليل العجوز وغيرها.
وأما معرفة الدليل التفصيلي والاستعداد لدفع الشبهة وتحرير السؤال والجواب فهو واجب كفاية؛ لرد شبهة الخصوم حراسة للمذهب من تسلط الخصم عليه. والواجب من هذا النوع أن يكون في كل قطر من أقطار المسلمين واحد يذب عنهم بحيث لا يعسر الوصول إليه عادة عند الحاجة، وقد يجب ذلك أيضا على المكلف لدفع شبهة تعرض له في نفسه.
وقد تقدم في البحث الثامن ما يدل على الاكتفاء بهذا القدر من المعرفة.
الثاني عشر: نبه المصنف بقوله [لا بالتقليد]
(لا بالتقليد) على خلاف جماعة من المحققين منا
مخ ۴۵