وكأنه رد الكراهة إلى الإرادة؛ لأنها إرادة الترك، وجعل مرجع السادسة إلى السرمدية كما في التجريد، أو إلى بعضها وهو البقاء، كما في العدد الثاني .
وكيف كان ففي تحقيق العدد الذي لا بد من اعتباره في التوحيد نظر؛ لأنه إن روعي في ذلك ظاهر هذه الصفات وأسمائها المختلفة وجب اعتبار الكل، وإن نظر إلى الأصل الذي يرجع إليه كفى معرفة القدرة والعلم، لرجوع الكراهة والإرادة والسمع والبصر والإدراك إلى العلم، والكلام إلى القدرة، بل الكل راجع إلى وجوب الوجود، كما مر.
والتحقيق: أن كل صفات الله تعالى الثبوتية وغيرها اعتبارات تحدثها عقولنا عند مقايسة ذاته تعالى إلى غيرها، وإلا فذاته المقدسة لا تركيب فيها ولا صفة لها زائدة عليها، والكل راجع إلى كمال الذات المقدسة وغنائها. لكن لما كانت عقول الخلق على مراتب من التفاوت، لوحظت له هذه الصفات والاعتبارات؛ ليتوصل بها الخلق (1) إلى معرفته على حسب استعدادهم، ثم ينتهي قولهم عند إحاطتها بحقائق هذه الأشياء ومطالعتها لأنوار كبريائه، إلى أن تعتبر ذاته المقدسة من غير ملاحظة شيء آخر، كما قال على (عليه السلام): «وتمام توحيده نفي الصفات عنه؛ لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة» (2).
فعلى هذا لا حرج في اختلاف هذه الأعداد، فإن مرجعها إلى اعتبار المعتبر، والغرض منها التقريب إلى أفهام أهل التوحيد بحسب تفاوتهم في مراتبهم، والمرجع واحد عند تحقيق الحال، فكل واحد من هذه الأعداد مجزي في أصل التوحيد، ومؤد للواجب إن شاء الله تعالى.
السابع: المراد بالعدل المنسوب إليه تعالى
- بحيث صار باعتباره عادلا- ما قابل الجور والظلم، وبكونه عدلا أنه لا يفعل القبيح ولا يخل بالواجب.
وأما الحكمة فتطلق على معرفة الأشياء والعلم بحقائقها، وعلى الترك للقبيح،
مخ ۴۲