علَّي ما ترون ولقد كنت أرى محمد بن المنكدر وكان سيد القراء لا نكاد نسأله عن حديث أبدًا إلا يبكي حتى نرحمه، ولقد كنت أرى جعفر بن محمد وكان كثير الدعابة والتبسم فإذا ذكر عنده النبي ﷺ اصفر وما رأيته يحدث عن رسول الله ﷺ إلا على طهارة، ولقد اختلفت إليه زمانًا فما كنت أراه إلا على ثلاث خصال إما مصليًا، وإما صامتًا، وإما يقرأ القرآن، ولا يتكلم فيما لا يعنيه، وكان من العلماء والعباد الذين يخشون الله ﷿، ولقد كان عبد الرحمن بن القاسم يذكر النبي ﷺ فينظر إلى لونه كأنه نزف منه الدم، وقد جف لسانه في فمه هيبًة منه لرسول الله ﷺ
ولقد كنت آتي عمر بن الزبير فإذا ذكر عنده النبي ﷺ بكى حتى لا يبقى في عينيه دموع؛ ولقد رأيت الزهري وكان من أهنأ الناس وأقربهم فإذا ذكر عنده النبي ﷺ فكأنه ما عرفك ولا عرفته؛ ولقد كنت آتي صفوان بن سليم وكان من المتعبدين المجتهدين فإذا ذكر عنده النبي ﷺ بكى فلا يزال يبكي حتى يقوم الناس عنه ويتركوه " (١). اهـ
هذا تأسيهم بمن قبلهم وإنما استفادوا ذلك من طول الملازمة وحسن التأسي.