144

Manhaj Ibn Aqil al-Hanbali wa Aqwaluhu fil Tafsir Jama'an wa Dirasatan

منهج ابن عقيل الحنبلي وأقواله في التفسير جمعا ودراسة

ژانرونه

ومما يؤيد هذا التفسير ويوضحه قول النبي ﷺ: " إن الله ﷿ يقول يوم القيامة: يا ابن آدم مرضت فلم تعدني، قال يا رب: كيف أعودك وأنت رب العالمين، قال: أما علمت أن عبدي فلانًا مرض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده، يا ابن آدم: استطعمتك فلم تطعمني، قال: يا رب، وكيف أطعمك وأنت رب العالمين، قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي، يا ابن آدم: استسقيتك فلم تسقني، قال: يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين، قال استسقاك عبدي فلان فلم تسقه، أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي " (^١).
فإن قيل: ما مناسبة اختيار هذا الأسلوب: ﴿يُقْرِضُ اللَّهَ﴾ دون غيره؟.
فالجواب من وجوه:
١ - أن فيه تأكيدًا لاستحقاق الثواب بالعمل، إذ لا يكون قرضًا إلا والعوض مستحق به (^٢).
٢ - أن فيه حثًا وترغيبًا على البذل والزيادة في أعمال الخير.
٣ - أن في أعمال الخير قطعًا من الوقت أو المال أو غيره لله تعالى، ومن معاني القرض في اللغة: القطع (^٣).
٤ - أن ما يقدمه الإنسان ينتظر بدله وجزاءه، وهكذا القرض.
٥ - أن الجزاء يتأخر عن العمل في الغالب، وكذلك الأمر في القرض (^٤).
٦ - بيان أن طاعة العبد مقبولة عند الله تعالى، وواقعة موقع القبول في أقصى الدرجات (^٥) بإذنه تعالى وفضله؛ ومما يشهد لهذا قوله تعالى: ﴿وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا﴾ [المزمل:٢٠].

(^١) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب باب فضل عيادة المريض (٢٥٧٩) من حديث أبي هريرة ﵁.
(^٢) ينظر: أحكام القرآن للجصاص ١/ ٥٤٧.
(^٣) ينظر: أحكام القرآن لابن العربي ١/ ٣٠٦، لسان العرب ٧/ ٢١٧.
(^٤) ينظر: زاد المسير ١/ ٢٤٠.
(^٥) التفسير الكبير ٤/ ١٤٧.

1 / 144