103

Manhaj Ibn Aqil al-Hanbali wa Aqwaluhu fil Tafsir Jama'an wa Dirasatan

منهج ابن عقيل الحنبلي وأقواله في التفسير جمعا ودراسة

ژانرونه

والثاني: إيجاز القصر، وهو ما ليس بحذف، لكن معناه كثير يزيد على لفظه (^١) كقوله تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ﴾ [البقرة:١٧٩]، ولأجل تحصيل المعنى الكثير في اللفظ القليل حسن الإيجاز بنوعيه (^٢)، ومن قواعد التفسير: أن القرآن بلغة العرب والعرب تحذف ما كفى منه الظاهر في الكلام إذا لم تشك في معرفة السامع مكان الحذف (^٣). والله تعالى أعلم.
قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٩٤) وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٩٥)﴾ [البقرة:٩٤ - ٩٥].
٧/ ٦ - قال ابن عقيل: (﴿وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا﴾ [البقرة:٩٥] وأخبر سبحانه عن تمنيهم الموت في النار، وأنهم يقولون: ﴿يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ﴾ [الزخرف:٧٧] أي: ليمتنا؛ فبان بذلك أنه أراد بالأبد: مدتهم في الدنيا، ومبلغ أعمارهم اهـ) (^٤).
الدراسة:
تناول ابن عقيل في كلامه مسألتين:
المسألة الأولى:
نفى ابن عقيل أن يكون المراد بالأبد ما لا نهاية له، وعلى هذا فالمراد بالآية: أن اليهود لن يتمنوا الموت مدة بقائهم في الدنيا، ويؤيد هذا أن الله ذكر تمنيهم الموت في النار بقوله سبحانه: ﴿وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ﴾ [الزخرف:٧٧]، فالأبد مدة من الزمان مهما طالت، وهو في الآية أبدٌ من الآباد، وهذا هو قول عامة العلماء في معنى الأبد، وفي المراد به بالآية.

(^١) ينظر: الإيضاح في علوم البلاغة ص ١٨٤.
(^٢) ينظر: التحرير والتنوير ١/ ١٢٢.
(^٣) قواعد التفسير ١/ ٣٦٤.
(^٤) ينظر: الواضح ٤/ ١٠٤.

1 / 103