281

کتاب المناظر

كتاب المناظر

ژانرونه

[3] وإذ قد تبين في المقالتين المتقدمتين كيف يدرك البصر المبصرات على ما هي عليه، وقد تبين مما ذكرناه في هذا الفصل أن البصر قد يعرض له الغلط في كثير مما يدركه من المبصرات، فقد بقي أن نبين لم يعرض للبصر الغلط ومتى يعرض له الغلط وكيف يعرض له الغلط. ونحن نقصر هذه المقالة على الكلام في أغلاط البصر فيما يدركه على الاستقامة، ونبين العلل التي من أجلها يعرض للبصر الغلط، وإلى كم نوع تنقسم أنواع الغلط، ونبين كيف يعرض الغلط في كل نوع من أنواع الغلط، ونقدم ما يجب تقديمه لتبيين الكلام في الأغلاط.

الفصل الثاني في تقديم ما يجب تقديمه لتبيين الكلام في أغلاط البصر

[1] قد تبين في المقالة الأولى أن البصر ليس يدرك شيئا من المبصرات إلا من سموت خطوط الشعاع، وأن المبصرات وأجزاء كل واحد من المبصرات إنما يدرك البصر ترتيبها من ترتيب خطوط الشعاع. وقد تقدم أيضا أن المبصر الواحد الذي يدرك بالبصرين معا إنما يدرك واحدا إذا كان وضعه من البصرين جميعا وضعا متشابها، وإذا كان وضع المبصر الواحد من البصرين وضعا مختلفا فإن الناظر إليه يدركه اثنين، والمبصرات المألوفة التي تدرك دائما بالبصرين معا ليس يدرك الواحد منها إلا واحدا. وإذا كان ذلك كذلك فيجب أن نقرر كيف يدرك المبصر الواحد بالبصرين معا واحدا في أكثر الأوقات وعلى أكثر الأوضاع، وكيف يكون وضع المبصر الواحد من البصرين في أكثر الأوقات وعلى أكثر الأوضاع وضعا متشابها، ونبين أيضا كيف يكون وضع المبصر الواحد من البصرين وضعا مختلفا ومتى يقع ذلك. وقد ذكرنا هذا المعنى في المقالة الأولى وبيناه بقول مجمل ونحن الآن نفصل هذا المعنى ونلخصه، ونبين أيضا كيف نعتبر هذه المعاني اعتبارا يقع معه اليقين، فنقول:

[2] ن الناظر إذا نظر إلى مبصر من المبصرات فإن كل واحد من البصرين يلحظ ذلك المبصر، وإذا حدق الناظر إلى ذلك المبصر فإن كل واحد من البصرين يحدق إلى ذلك المبصر تحديقا متشابها متساويا، وإن تأمل الناظر المبصر فإن كل واحد من البصرين يتأمل ذلك المبصر بالسواء، وإذا تحرك البصر على المبصر لتأمله فإن البصرين جميعا يتحركان عليه ويتأملانه.

مخ ۳۴۳