229

کتاب المناظر

كتاب المناظر

ژانرونه

[161] وأيضا فإن الحاس قد يدرك مقدار بعد المبصر من مقدار الزاوية التي يوترها المبصر. وذلك أن المبصرات المألوفة التي على الأبعاد المألوفة إذا أدركها البصر فإن البصر يعرفها في حال إدراكها. وإذا عرفها عرف مقادير أعظامها لأن مقادير أعظامها قد كان يحققها بتكرر إدراكه لكل واحد من المبصرات المألوفة وحصلت مقادير أعظامها مستقرة في التخيل. والبصر في حال إدراكه للمبصر المألوف يدرك الجزء من البصرالذي تحصل فيه صورة ذلك المبصر ويدرك الزاوية التي يوترها ذلك الجزء. وإذا أدرك الحاس مقدار عظم المبصر بالمعرفة وأدرك الزاوية التي يوترها ذلك المبصر في تلك الحال فهو يدرك مقدار <بعد> ذلك المبصر في تلك الحال لأن الزاوية التي يوترها ذلك المبصر إنما تكون بحسب مقدار البعد. فكما أن الحاس يستدل على مقدار العظم بالبعد مع تلك الزاوية كذلك يستدل على مقدار البعد بمقدار العظم المعروف عنده مع تلك الزاوية، لأن العظم ليس يوتر تلك الزاوية إلا من ذلك البعد بعينه أو بعد مساو له لا من جميع الأبعاد. وإذا كان الحاس قد أدرك مقدار بعد ذلك المبصر المألوف على الاستمرار ومرات كثيرة في الأوقات التي يوتر ذلك المبصر عند مركز البصر مثل تلك الزاوية، وكان قد استدل مرات كثيرة على مقدار عظم ذلك المبصر بمقدار بعد ذلك المبصر مع مقدار الزاوية المساوية لتلك الزاوية، فقد فهمت القوة المميزة مقدار البعد الذي أدركت منه عظم ذلك المبصر بالقياس إلى تلك الزاوية. وإذا كانت القوة المميزة قد فهمت مقدار بعد ذلك المبصر بالقياس إلى تلك الزاوية، وأدركت من هذا البعد عظم ذلك المبصر بالقياس إلى تلك الزاوية بعينها، فإن القوة المميزة إذا عرفت ذلك المبصر وعرفت مقدار عظمه الذي قد أدركته من قبل وأدركت في الحال مقدار الزاوية التي يوترها ذلك المبصر في تلك الحال، عرفت مقدار البعد الذي يحسبه يوتر ذلك العظم تلك الزاوية. فالحاس قد يدرك مقادير أبعاد المبصرات المألوفة من قياس الزاوية التي يوترها المبصر إلى عظم ذلك المبصر. ثم إذا تكرر إدراك الحاس لبعد المبصر المألوف على هذا الوجه صار الحاس يدرك بعد المبصر المألوف بالمعرفة، ويصير مقدار الزاوية التي يوترها المبصرالمألوف في حال إدراك البصر له مع معرفة ذلك المبصر أمارة تدل على مقدار بعد ذلك المبصر. وأكثر أبعاد المبصرات المألوفة تدرك على هذا الوجه. وهذا الإدراك ليس هو إدراكا في غاية التحرير، إلا نه ليس بينه وبين البعد المحرر تفاوت مسرف. ومن هذا الإدراك أخذ أصحاب التعاليم أن عظم المبصر يدرك بالزاوية، وهذا الإدراك هو في المبصرات المألوفة فقط وبالحدس لا بالتيقن.

[162] وقد يشبه البصر أيضا أعظام المبصرات الغير مألوفة بأعظام المبصرات المألوفة ويستدل على مقادير أبعادها على هذا الوجه. فالمبصرات المألوفة التي على الأبعاد المألوفة إذا أدركها البصر وعرفها واستدل على مقادير أبعادها بهذه الطريقة فهو يصيب في الأكثر في مقادير أبعادها، أو لا يكون بين ما يدركه من مقادير أبعادها وبين حقائق أبعادها تفاوت مسرف. والمبصرات الغريبة والتي ليس يكثر إدراك البصر لها والمبصرات الملتبسة الصور والتي يغلط البصر في معرفتها والتي لا يتحقق مائياتها فإن ما يدركه من مقادير أبعادها على هذه الصفة يكون في أكثر الأحوال غالطا فيه. ومع ذلك فربما اتفقت له الإصابة فيما يدركه من مقاديرها بهذا الوجه. فعلى هذه الصفات التي شرحناها تدرك مقادير أبعاد المبصرت بحاسة البصر.

مخ ۲۹۰