225

کتاب المناظر

كتاب المناظر

ژانرونه

[155] ولسنا نعني بإدراك الحاس والتمييز لمقادير أبعاد المبصرات التي على وجه الأرض بالاكتساب أنه يدرك كم ذراع هو كل بعد من الأبعاد، ولكنه |يحصل لكل بعد ولكل جزء من الأرض مقدار متخيل محصور، فيقيس مقادير أبعاد المبصرات التي يدركها من بعد بتلك المقادير المحصورة التي حصلت عنده ويشبهها به. وقد حصل للذراع أيضا وللشبر ولكل واحد من المقادير التي يقاس بها مقدار محصور عنده، فمتى أدرك الناظر بعدا ما أو مسافة ما وأحب أن يعلم كم ذراع هي، قاس الصورة التي حصلت في التخيل لذلك البعد أوتلك المسافة بالصورة التي حصلت في التخيل للذراع، فيدرك بهذا القياس كمية البعد القياس إلى الذراع أو ما يجري مجراه على غاية ما يمكن من التقريب بالتخيل. ولهذا يقول الإنسان كان بيني وبين فلان عشر خطوات أو خمس خطوات أو كذا ذراعا أو قيد رمح أو شوط فرس أو غلوة سهم، إذا قاس البعد الذي بينه وبين ذلك الإنسان بالخطوة أو بالذراع أو بالباع أو إحدى المقادير التي لها صورة في نفسه.

[156] وأيضا فإن من عادة الإنسان إذا أراد أن يتحقق معنى من المعاني فإنه يكرر النظر إليه ويتأمله ويميز معانيه ويعتبرها فيدرك بالتأمل والتمييز وتكرير النظر حقيقة ذلك المعنى. فالناظر إذا أدرك مبصرا من المبصرات التي على وجه الأرض وأراد أن يتحقق بعده فإنه يتأمل الجزء المتصل من الأرض بينه وبينه ويحرك البصر في طول الجزء الذي بينه وبينه. وإذا تحرك البصر في طول الجزء من الأرض الذي بين المبصر وبين الناظر إليه تحرك سهم الشعاع على ذلك الجزء فمسحه مساحة وأدركه جزءا جزءا وأحس بأجزائه الصغار إذا كان بعد آخر المسافة من الأبعاد المعتدلة. وإذا أدرك البصر أجزاء الأرض وأدرك أجزاءها الصغار أدركت القوة المميزة مقدار جميع المسافة. وذلك أن بحركة سهم الشعاع على المسافة يتحرر للقوة المميزة مقدار الجزء من البصر الذي تحصل فيه صورة تلك المسافة ومقدار الزاوية المتوهمة التي توترها تلك المسافة ومقدار طول الشعاع الذي يمتد إلى آخر المسافة بتيقنه امتداده على مسامتة جزء جزء من المسافة. فإذا تحرر هذان المعنيان للقوة المميزة فقد تحرر مقدار الجزء المبصر من الأرض. وكذلك الأجسام المرتفعة على الأرض الممتدة في جهة التباعد كالجدران والأبنية والجبال يدرك البصر مقادير أطوالها الممتدة على وجه الأرض على مثال ما يدرك مقادير أجزاء الأرض، ويدرك أبعاد المبصرات المسامتة لها من إدراكه لمقادير أطوالها. فعلى هذه الصفة يتحقق البصر مقادير أبعاد المبصرات إذا كانت أبعادها من الأبعاد المعتدلة وكانت مسامتة لأجسام مرتبة متصلة.

مخ ۲۸۵