222

کتاب المناظر

كتاب المناظر

ژانرونه

[151] فأما كيف ابتداء إدراك الحاس لمقادير أجزاء الأرض المتوسطة بينه وبين المبصرات فإن أول ما يتحقق مقداره منها هوما يلي القدمين. فإن ما يلي القدمين من الأرض يدرك البصر مقداره، وتدرك القوة المميزة مقداره وتتحقق مقداره وسعته بمساحة جسم الإنسان له. فإن ما يلي القدمين من الأرض فالإنسان يقدره دائما من غير قصد بقدميه حين يخطو عليه وبذراعه وباعه حين يمد يده إليه. فكل ما قرب من الإنسان من جسم الأرض فهو يتقدر دائما بجسم الإنسان من غير قصد. والبصر يدرك هذا التقدير ويحس به، والقوة المميزة تدرك هذا التقدير وتفهمه وتتيقن منه مقادير أجزاء الأرض المتصلة بجسم الإنسان والقريبة منه. فمقادير أجزاء الأرض القريبة من الإنسان وما حوله منها فقد حصلت مفهوم عند الحاس وعند القوة المميزة، وقد حصلت صورتها متخيلة عند القوة المميزة ومستقرة في النفس. والبصر يدرك هذه الأجزاء من الأرض دائما، والحاس يحس بالسموت التي تمتد من البصر إلى أطراف هذه الأجزاء عند إدراك البصر لها وعند تفقد البصر لجسم الأرض والأبعاد المتوسطة بينه وبين المبصرات من جسم الأرض، ويدرك الأجزاء من سطح العضو الحاس التي تحصل فيها صورة هذه الأجزاء من الأرض، ويدرك مقادير الأجزاء من البصر ومقادير الزوايا التي توترها هذه الأجزاء من البصر. فالزوايا التي توترها الأجزاء من الأرض القريبة من الإنسان قد حصلت مقاديرها مفهومة عند الحاس على مر الزمان وحصلت صورتها متخيلة في النفس. ومقادير أطوال خطوط الشعاع التي تمتد من مركز البصر إلى أطراف الأجزاء من الأرض القريبة من الإنسان يدركها الحاس وتدركها القوة المميزة وتتيقن مقاديرها، لأن أطوال هذه السموت هي تتقدر أبدا بجسم الإنسان بغير قصد. فإن كان الإنسان قائما ونظر إلى الأرض وإلى ما يلي قدميه من الأرض فإن أطوال خطوط الشعاع تتقدر بقامته، وتفهم القوة المميزة فهما يقينيا أن البعد الذي بين البصر وبين الجزء من الأرض الذي يلي القدمين هو مقدار قامة الإنسان.

مخ ۲۸۲