کتاب المناظر

ابن الهيثم d. 430 AH
190

کتاب المناظر

كتاب المناظر

ژانرونه

[82] وللاعتبار الذي ذكرناه نظائر كثيرة من المبصرات. وذلك أن الناظر إذا رأى شخصين قائمين على وجه الأرض أو عمودين أو نخلتين، وكان بينهما بعد له قدر، وكان أحدهما يستر بعض الآخر في رأي العين، ولم يدرك الأرض التي بينهما في حال إدراكهما لاستتارها بالشخص الأول، ولم يكنا لبصر رأي ذينك العمودين أو الشخصين قبل ذلك الوقت، وكان بعد الشخص الأخير ليس من الأبعاد المتفاوتة، فإنه إذا نظر إليهما معا يظن بهما أنهما متماسان وبينهما بعد يسير ولا يحس بمقدار البعد الذي بينهما. ثم إذا انحرف عن موضعه حتى يرى الأرض المتصلة التي يينهما أدرك بعد الشخص الأخير وأدرك البعد الذي بين الشخصين وأحس بغلط البصر في الإدراك الأول. فلو كان الناظر إلى هذين الشخصين يدرك مقدار بعد كل واحد منهما عن البصر من غير إحساسه بالأرض المتصلة التي بينهما، لقد كان يدرك مقدار بعد أحدهما عن الآخر في حال إدراكهما معا وأحدهما يستر الآخر ومن قبل أن يدرك الأرض المتصلة بينهما.

[83] وكذلك إن كان الناظر ينظر إلى ثقب، وكان من وراء الثقب فضاء، وكان في ذلك الفضاء حبل ممدود معترض أو عود معترض، وكان بين الحبل والعود وبين الثقب بعد مقتدر، وكان بين الناظر وبين الثقب بعد مقتدر، وكان الناظر لا يرى الأرض المتصلة المسامتة للبعد الذي بين الحبل أو العود وبين الثقب، فإن الناظر يظن بذلك الحبل المعترض أو العود المعترض أنه مماس للثقب أو قريب جدا منه، ولا يدرك كمية البعد الذي بين الحبل المعترض أو العود وبين الثقب ما لم يدرك الجسم المتصل المسامت لبعده ولم يتقدم علمه

[84] فمن الاعتبار بهذه المعاني يتبين أن البصر ليس يدرك مقادير أبعاد المبصرات عنه إلا إذا كانت أبعادها مسامتة لأجسام مرتبة متصلة، وكان البصر يدرك تلك الأجسام ويدرك مقاديرها.

مخ ۲۵۰