أولا أن الإمام أو نائبه شرط في الوجوب بالإجماع، ثم قال: هذا في حال الحضور، أما في حال الغيبة ففي جوازه قولان (1).
فعلم أن الاجماع إنما هو في حال التمكن، ومع ذلك فليس ما ادعاه بذلك البعيد، بملاحظة كلماتهم، ولعل من لم يصرح بذلك مراده أيضا ذلك، فتأمل.
حجة الأكثر في ذلك - على ما ذكره في روض الجنان - إطلاق الأوامر، من غير تقييد بالإمام أو من نصبه عموما أو خصوصا، خرج منه ما أجمع عليه، وهو مع إمكان إذنه وحضوره، فيبقى الباقي على أصل الوجوب من غير شرط (2)، ومثله التعليل الثاني من التعليلين اللذين ذكرهما الشهيد في الذكرى (3).
وقد عرفت ما يتطرق من الكلام في مثل هذه الاستدلالات، فيبقى لهم أن يتشبثوا في ذلك بإطلاق ما دل بظاهره على الاستحباب، منضما إلى أصل العدم، ومنها رواية زرارة وعبد الملك.
وقد عرفت أن التعدي من حكم الحاضرين المخاطبين إلى غيرهم يحتاج إلى دليل، وعدم القول بالفصل إنما يتم إذا كان من لم يكن مثل زرارة وعبد الملك في حضور الإمام، وإدراك خدمته مثله في الفقه والمعرفة.
ومع ملاحظة ما ذكره ذلك المحقق مع إشعار جملة من عبارات الأصحاب بذلك يشكل التعدي إلى غير الفقيه.
إلا أن يقال: يدل على ذلك أن الإمام (عليه السلام) لم يعين زرارة وعبد الملك بشخصه، بل قال: " إنما عنيت عندكم " (4)، وقال: " صلوا جماعة " (5)، ونحو ذلك، وهو بإطلاقه يشمل كون الإمام لهم فقيههم أو غير فقيههم، وكذلك إطلاقات سائر الأخبار المذكورة في هذا الباب، وخصوص مثل صحيحة زرارة قال فيه: " أمهم
مخ ۵۷