فرأى فؤاد أن استجلاء الأمر يحتاج إلى حسن السياسة والبداهة، فقال لسعيد يخاتله: لا أخالفك في الرأي، وأراك على مذهب شقيقتك في المكاتمة وستر العيوب، فأنت تعاملها بمثل ما تعاملك، وتخفي عيوبها كما تخفي عيوبك.
قال سعيد: وأي عيب تجده في؟
قال فؤاد: لا يليق بنا الخوض في هذا الموضوع، ونحن عما قليل سنصبح أهلا، ومرادي أن تكون دائما أبدا مسرورا منى، ولعلمي أنك بصير رزين، ما أراك تهتم بتشويه قليل في الجسم لا يستحق الذكر.
فتكدر سعيد من سماع هذا الكلام، واشتغل باله، فقال: بل أريد أن أعلم ما أشرت إليه.
قال فؤاد: تذكر يوم توجهنا معا لزيارة سعدى شقيقتك في المدرسة، إذ قادتني من يدي بعيدا عنك، وجعلت تهمس في أذني كلاما خفيا، بينما أنت واقف وأبوك تخاطبان المعلمة؟
قال سعيد: أذكر ذلك.
قال فؤاد: وتذكر أنك كنت لابسا ثوبا جديدا تخطر فيه كالبدر الساطع، فقد أخذت أختك تضحك عليك لعيب يسير وجدته فيك، وزعمت أنه يذهب بلياقة ملبوسك وإتقانه.
قال سعيد: أفرغت صبري، أخبرني عما رأت في من العيب أختي.
قال فؤاد: لست أخفي عنك شيئا، فإن شرط الصاحب على الصاحب الإخلاص، فاعلم أن أختك قبضت على يدي وهي تبتسم مشيرة إلى حذائك، وقالت ساخرة منك: انظر إلى قدمي أخي ما أغلظهما كخفي بعير، ما كان يليق لبس الأحذية المتقنة بالأقدام الغليظة هكذا.
قال سعيد وقد احمر وجهه كدرا وخجلا: تقول أختي علي هذا الكلام، وتعيرني بكبر قدمي، وفي قدمها الواحدة ستة أصابع بدلا من خمسة!
ناپیژندل شوی مخ