قال خليل: لو كانت امرأتي في قيد الحياة لرفعت الدعوى باسمها، وقمت نائبا عنها، ولكن توفيت، فلم يبق لي علاقة قانونية أو صفة أهلية بالنظر إلى ابنتها، والله يعلم مقدار معزتي لهذه الفتاة، فهي لي بمنزلة الولد. على أنني غريب عنها في سائر الأحوال، وليس لي صلة قانونية لأرفع الدعوى باسمى، فالصفة لك وحدك في رفعها؛ لكونك أقرب الأنسباء إليها، وأنت كبير العائلة.
قال غانم: أنت تهزأ بي كأنما تظن أن ليس لي شغل غير شغل الدعاوى، فوالله إني لأعجز عن القيام بدعوى واحدة فتراني بسببها مضطربا دائما قلقا ومنزعجا، فكيف تكون حالتي إن تعددت الدعاوى؟ ألم تكفني أشغالي الخصوصية حتى أهتم بأشغال بنت منحوسة خيبها الله وسائر النساء معها؟
فانشرح خاطر خليل بامتناع غانم عن إقامة الدعوى باسمه وقال: لا تؤاخذني، فقد برح من بالي أنك مهتم بقضيتك الخصوصية، وفي الواقع أن أشغالك جسيمة تمنعك النظر في قضية ذات شأن عظيم كقضية اغتصاب فؤاد عفيفة.
قال غانم: أنت تعلم أن قضيتي جسيمة يزيد مقدارها على مائتي ألف فرنك، فلو أهملتها أقل إهمال عرضتها للضياع، فلذلك لا يمكنني الاهتمام بغيرها، فوالله لن يوازي شرف نساء الكون عندي نصف هذا المبلغ.
فتبسم خليل احتقارا وقال في نفسه: تبا لهذا الرجل، ما أشد بخله ودناءة نفسه. ثم كلمه قائلا: نعم، فالصواب أن تهتم في قضيتك فلها المقام الأول، وإن رأيت أن نقيم الدعوى باسم ابنك سعيد فهو لا شاغل يشغله، وله الصفة التي لك والفتاة ابنة عمته.
فعارض سعيد قائلا: لا والله إني لن أقيم دعوى على فؤاد، فهو صديقي وصاحبي والرأي عندي ما ابتديته أولا، وهو ترويج زواجه بعفيفة وقد خالفتماني، فرفعت يدي من المسألة، فاصنعا ما تبغيان.
فأشرق وجه خليل عند سماع قول سعيد، إذ جاء الأمر على ما يروم ويبغي، وهو أن يرفع الدعوى باسمه، فقال: وهل من الصواب تحمل الأذى وانتهاك العرض وترك الجاني يمرح في غيه وفجوره، لا خوف عليه ولا هو يحزن؟
قال غانم: وما المانع من إقامة الدعوى باسمك، وأنت تهتم فيها بنفسك؟
قال خليل: والله إني أود ذلك ابتغاء التخفيف عنك، وأن أقوم بخدمة تذكر، ولكني - كما قدمت القول - قد عدمت الصفة بوفاة امرأتي، وانقطعت كل علاقة بيني وبين ابنتها، فليس لي وجه قانوني للتدخل في هذا الأمر.
قال غانم: أما من طريقة لإزالة هذا المانع؟
ناپیژندل شوی مخ