--- فأما نحن في أنفسنا، فمن أشكل عليه أمر, أو اشتبه عليه حال في سيرة أو قضية, أو ولاية أو رعية، يختص بنا أحكامها ويتعلق بأكفنا زمامها، فليواصلنا أو يراسلنا على قدر إمكانه، كاشفا قناع المساترة, آمنا سطوة الجبابرة، فليعرض ما معه، ولينقد ما جمعه, حتى تميزه نقاده، ويتضح له إصداره وإيراده، ويكون قد رجع إلى من أمره الله بالرجوع إليه، واعتمد على من أوجب الله الاعتماد عليه، فإن آل محمد صلى الله عليه وعليهم هم ماء الحياة, وسفن النجاة، وهم الذين أوجب الله في كتابه مودتهم، وأوضح على لسان نبيه محجتهم، قال تعالى: { قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى } وقال صلى الله عليه وآله: (( مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق )) ، وإن كان لا يجب علينا بعد ثبوت الإمامة بالأدلة الواضحة, والبراهين اللائحة, المباحثة على السيرة، والاحتجاج على كل صغيرة وكبيرة، ولكن هذا زيادة في الحجة, ومحبة الإيناس والمعاونة على نفي الشبهة, لمن جاز أن يلبس على نفسه, أو تلتبس عليه جلية يقينه لعارض لبسه، ولعل ذلك يكون زيادة في الإيمان, واستظهارا بالاطمئنان, لمن يجوز أن تعتريه الشبهات, أو تغيره عن سنن الرشد التمويهات، فإن الناس بين مستقيم وميال, ومختدع بلامع آل عن سلسال زلال.
مخ ۳۵