--- وأشياعهم، واتفاقهم حجة بما لا يسع هذا المسطور, ويكون في الآحاد منهم, وهم ولاة الأمر لما تقدم من الأدلة على وجوب الانقياد لولاة الأمر، والاقتفاء لآثارهم, والاهتداء بمنارهم، ولما جعل الله تعالى لهم من الولاية التي حتمها، والزعامة التي أحكمها, ولما ورد به الأثر المنقول, في ذرية الرسول: (( إن عند كل بدعة يكون من بعدي يكاد بها الإيمان وليا من أهل بيتي موكلا، يعلن الحق وينوره ويرد كيد الكايدين، فاعتبروا يا أولى الأبصار )) ، وفي هذا أبلغ الدلالة على أن الواحد من ولاة الأمر، يقوم مقام الجملة في وجوب طاعته والتمسك بأمره، والأخذ بقوله, والاقتداء بفعله.
ونحن أيضا نقول: من صلح لأمر من أمرنا، من ولاية في قضاء، أو تصرف في قبض أو إعطاء، أو إمارة جيوش، أو أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، أو دعاء إلى دين، أو إيضاح ليقين، فإنه يجب عليه أن يبرز صفحته لنا, ويعرض أمره علينا، وقد ألزمنا كل واحد ممن ذكرنا عراضة نفسه، والقيام بفرضه, ومعاونتنا على ما ذكرنا ومن تقاعد مع ذلك عنا كان كلامه واهيا، وحجته ساقطة، ونصحه غير مقبول، وباطنه مدخول معلول، ونحن نأمر بذلك جميع من وقف عليه، وبلغه من المسلمين من العلماء الراشدين, والمتعلمين المسترشدين، ومن يقفوهم من سائر أهل الدين, فيما يتعلق بأمور أهل التقوى واليقين، لا سيما مع أمرنا بذلك لكافتهم, بعد أمر الله تعالى بالمعاونة لجماعتهم، وإن كان التكليف شاقا والأمر صعبا، فهو باجتماع المسلمين عليه يسهل، وبتظاهرهم على القيام بفرضه يتم ويكمل، والله تعالى أمر بالقيام بذلك عاما، وإنما جعل لهم من أنفسهم في أحكام ذلك الأمر نظاما, سماه هاديا وإماما، وأمرهم بتوقيره وتعزيزه, وتعظيم أمره وتكثيره، فعليه فرض وهو ألا يخل بما أمر به، وعليهم مثل ذلك في حقه, فأقل أحوالهم إن كانوا من المقصرين, أن يكفوا عنه المطاعن:
ليت حظي من أبي كرب ... أن يسد خيره خبله
مخ ۳۴