١٤٠- أزِمَتْ شَجَعَاتُ بِمَا فِيها
الأزْمُ: الضيق، يقال: أزَمَ يأزِمُ إذا ضاق والمأزِمُ: المَضِيق في الحرب وشَجَعَات: ثَنِيَّةٌ معروفة، ولهذا المثل قصة ذكرتها عند قوله "أنجَزَ حُرّ ما وعد" في باب النون.
١٤١- إنّهُ لأَنْفَذُ مِنْ خازِقٍ الخازق والخاسق: السِّنان النافذ يوصَف به النافذُ في الأمور.
١٤٢- إحْدَى حُظَيَّاتِ لُقْمَانَ الْحُظَيَّة: تصغير الْحَظْوَة بفتح حائه، وهي المرماة (هي سهم صغير قدر ذراع)، قال أبو عبيد: هي التي لا نَصْلَ لها، ولقمان هذا هو: لُقْمان بن عادٍ، وحديثه أنه كان بينه وبين رجلين من عاد، يقال لهما عمرو وكعب ابنا تِقْن بن معاوية قتال، وكانا رَبَّيْ إبل، وكان لقمان ربّ غنم فأعجبت لقمانَ الإبلُ، فراودهما عنها، فأبَيَا أن يبيعاه، فعمد إلى ألبان غَنَمه من ضأن ومِعْزًى وأنافِحَ من أنافح السَّخْل، فلما رأيَا ذلك لم يلتفتا إليه ولم يرغبا في ألبان الغنم، فلما رأى ذلك لقمان قال: اشتَرِياها ابْنَيْ تِقْن، أقبلَتْ مَيْسا، وأدبَرتْ هَيْسا، وملأت البيتَ أقِطًا وحَيْسا. اشترياها ابْنَيْ تِقْن، إنها الضأن تُجَزّ جفَالاَ، وتُنْتَج رِخَالا، وتحلب كثَبًا ثِقالا. فقالا: لا نشريها يالُقْمَ، إنها الإبل حملْنَ فاتسقْنَ، وجرَيْنَ فأَعْنَقْنَ، وبغير ذلك أفلتن، يَغْزُرْن إذا قطن. فلم يبيعاه الإبل ولم يشريا الغنم، فجعل لقمان يُدَاوِرهما، وكانا يَهَابانه، وكان يلتمس أن يغفلا فيشدّ على الإبل ويَطْرُدها، فلما كان ذاتَ يوم أصابا أرنبًا وهو يَرْصُدهما رجاء أن يصيبهما فيذهب بالإبل، فأخذا صفيحة من الصَّفا، فجعلها أحدُهما في يده، ثم جعل عليهما كومةً من تراب قد أَحْمَيَاه فملاَّ الأرنب في ذلك التراب فلما أَنْضَجَاها نَفَضَا عنها التراب فأكلاها، فقال لقمان: ياويله أنِيئةً أكلاها، أم الريح أَقْبَلاَها، أم بالشِّيح اشتَوَيَاها، ولما رآهما لقمان لا يغفلان عن إبلهما، ولم يجد فيهما مطمعًا لقيهما ومع كل واحد منهما جَفير مملوء نَبْلًا وليس معه غير نَبْلَين، فخدعهما فقال: ما تصنعان بهذه النبل الكثيرة التي معكما؟ إنما هي حَطَب، فوالله ما أحمل معي غير نَبْلِين، فإن لم أُصِبْ بهما فلستُ بمصيب، فعمدا إلى نبلهما فنثَراها غير سهمين، فعمد إلى النبل فحواها، ولم يُصب لقمان منهما بعد ذلك غِرّة وكان فيما يذكرون لعمرو بن تِقْن امرأة فطلقها، ⦗٣٦⦘ فتزوجها لقمان، وكانت المرأة وهي عند لقمان تكثر أن تقول: لافَتًى إلا عمرو، وكان ذلك يغَيظ لقمان، ويسوءه كثرة ذكرها، فقال لقمان: لقد كثَرْتِ في عمرو، فوالله لأقتلنَّ عمرًا، فقالت: لا تفعل. وكانت لابني تِقْن سمُرة يستظلاَّن بها حتى ترد إبلهما فيسقيانها، فصعدها لقمان، واتخذ فيها عُشٍّا رجاء أن يصيب من ابني تِقْن غِرَّة، فلما وردت الإبل تجرَّد عمرو وأَكَبَّ على البئر يستقي، فرماه لقمان من فوقه بسَهْم في ظهره، فقال: حَسّ، إحدى حُظَيات لقمان، فذهب مثلا، ثم أَهْوَى إلى السهم فانتزعه، فوقع بصره على الشجرة، فإذا هو بلقمان، فقال: انزل، فنزل، فقال: اسْتَقِ بهذه الدلو فزعموا أن لقمان لما أراد أن يرفع الدلو حين امتلأت نَهَضَ نهضةً فضَرَط، فقال له عمرو: أَضَرَطا آخِرَ اليوم وقد زال الظهر؟ فأرسلها مثلًا. ثم إن عمرًا أراد أن يقتل لقمان، فتبَّسم لقمان: فقال عمرو: أضَاحِك أَنْت؟ قال لقمان: ما أَضْحَكُ إلا من نفسي، أما إني نُهِيتُ عما ترى! فقال: ومَنْ نهاك؟ قال: فلانة، قال عمرو: أَفَلِي عليك إن وَهَبْتُك لها أن تُعْلمها ذلك؟ قال: نعم، فخلّى سبيله، فأتاها لقمان فقال: لا فَتًى إلا عمرو، فقالت: أقد لقيته؟ قال: نعم لقيته فكان كذا وكذا ثم أَسَرَني فأراد قتلي ثم وَهَبني لك، قالت: لا فَتًى إلا عمرو. يضرب لمن عُرِف بالشر، فإذا جاءت هَنَةٌ من جنس أفعاله قيل: إحْدَى حُظَيات لقمان أي أنه فَعْلَة من فَعَلاَته.
١٤١- إنّهُ لأَنْفَذُ مِنْ خازِقٍ الخازق والخاسق: السِّنان النافذ يوصَف به النافذُ في الأمور.
١٤٢- إحْدَى حُظَيَّاتِ لُقْمَانَ الْحُظَيَّة: تصغير الْحَظْوَة بفتح حائه، وهي المرماة (هي سهم صغير قدر ذراع)، قال أبو عبيد: هي التي لا نَصْلَ لها، ولقمان هذا هو: لُقْمان بن عادٍ، وحديثه أنه كان بينه وبين رجلين من عاد، يقال لهما عمرو وكعب ابنا تِقْن بن معاوية قتال، وكانا رَبَّيْ إبل، وكان لقمان ربّ غنم فأعجبت لقمانَ الإبلُ، فراودهما عنها، فأبَيَا أن يبيعاه، فعمد إلى ألبان غَنَمه من ضأن ومِعْزًى وأنافِحَ من أنافح السَّخْل، فلما رأيَا ذلك لم يلتفتا إليه ولم يرغبا في ألبان الغنم، فلما رأى ذلك لقمان قال: اشتَرِياها ابْنَيْ تِقْن، أقبلَتْ مَيْسا، وأدبَرتْ هَيْسا، وملأت البيتَ أقِطًا وحَيْسا. اشترياها ابْنَيْ تِقْن، إنها الضأن تُجَزّ جفَالاَ، وتُنْتَج رِخَالا، وتحلب كثَبًا ثِقالا. فقالا: لا نشريها يالُقْمَ، إنها الإبل حملْنَ فاتسقْنَ، وجرَيْنَ فأَعْنَقْنَ، وبغير ذلك أفلتن، يَغْزُرْن إذا قطن. فلم يبيعاه الإبل ولم يشريا الغنم، فجعل لقمان يُدَاوِرهما، وكانا يَهَابانه، وكان يلتمس أن يغفلا فيشدّ على الإبل ويَطْرُدها، فلما كان ذاتَ يوم أصابا أرنبًا وهو يَرْصُدهما رجاء أن يصيبهما فيذهب بالإبل، فأخذا صفيحة من الصَّفا، فجعلها أحدُهما في يده، ثم جعل عليهما كومةً من تراب قد أَحْمَيَاه فملاَّ الأرنب في ذلك التراب فلما أَنْضَجَاها نَفَضَا عنها التراب فأكلاها، فقال لقمان: ياويله أنِيئةً أكلاها، أم الريح أَقْبَلاَها، أم بالشِّيح اشتَوَيَاها، ولما رآهما لقمان لا يغفلان عن إبلهما، ولم يجد فيهما مطمعًا لقيهما ومع كل واحد منهما جَفير مملوء نَبْلًا وليس معه غير نَبْلَين، فخدعهما فقال: ما تصنعان بهذه النبل الكثيرة التي معكما؟ إنما هي حَطَب، فوالله ما أحمل معي غير نَبْلِين، فإن لم أُصِبْ بهما فلستُ بمصيب، فعمدا إلى نبلهما فنثَراها غير سهمين، فعمد إلى النبل فحواها، ولم يُصب لقمان منهما بعد ذلك غِرّة وكان فيما يذكرون لعمرو بن تِقْن امرأة فطلقها، ⦗٣٦⦘ فتزوجها لقمان، وكانت المرأة وهي عند لقمان تكثر أن تقول: لافَتًى إلا عمرو، وكان ذلك يغَيظ لقمان، ويسوءه كثرة ذكرها، فقال لقمان: لقد كثَرْتِ في عمرو، فوالله لأقتلنَّ عمرًا، فقالت: لا تفعل. وكانت لابني تِقْن سمُرة يستظلاَّن بها حتى ترد إبلهما فيسقيانها، فصعدها لقمان، واتخذ فيها عُشٍّا رجاء أن يصيب من ابني تِقْن غِرَّة، فلما وردت الإبل تجرَّد عمرو وأَكَبَّ على البئر يستقي، فرماه لقمان من فوقه بسَهْم في ظهره، فقال: حَسّ، إحدى حُظَيات لقمان، فذهب مثلا، ثم أَهْوَى إلى السهم فانتزعه، فوقع بصره على الشجرة، فإذا هو بلقمان، فقال: انزل، فنزل، فقال: اسْتَقِ بهذه الدلو فزعموا أن لقمان لما أراد أن يرفع الدلو حين امتلأت نَهَضَ نهضةً فضَرَط، فقال له عمرو: أَضَرَطا آخِرَ اليوم وقد زال الظهر؟ فأرسلها مثلًا. ثم إن عمرًا أراد أن يقتل لقمان، فتبَّسم لقمان: فقال عمرو: أضَاحِك أَنْت؟ قال لقمان: ما أَضْحَكُ إلا من نفسي، أما إني نُهِيتُ عما ترى! فقال: ومَنْ نهاك؟ قال: فلانة، قال عمرو: أَفَلِي عليك إن وَهَبْتُك لها أن تُعْلمها ذلك؟ قال: نعم، فخلّى سبيله، فأتاها لقمان فقال: لا فَتًى إلا عمرو، فقالت: أقد لقيته؟ قال: نعم لقيته فكان كذا وكذا ثم أَسَرَني فأراد قتلي ثم وَهَبني لك، قالت: لا فَتًى إلا عمرو. يضرب لمن عُرِف بالشر، فإذا جاءت هَنَةٌ من جنس أفعاله قيل: إحْدَى حُظَيات لقمان أي أنه فَعْلَة من فَعَلاَته.
1 / 35